آخر الأخبار

ما مصير سوق الربيع بمراكش ؟؟

سوق الربيع بمراكش … عندما تصطدم الوعود بالوقائع، والظهائر الملكية تُهان قرب الأسوار التاريخية.

بين صمت المسؤولين وامتيازات الكبار، من ينصف التجار الصغار ؟

شهدت أشغال الدورة الأخيرة للمجلس الجماعي لمدينة مراكش حدثاً لافتاً، بعدما أقدم عدد من تجار سوق الربيع على اقتحام القاعة احتجاجاً على تجاهل ملفهم الاجتماعي، مطالبين المجلس الجماعي بالوفاء بوعوده، خاصة بعد التصريح العلني لأعلى مسؤولة في المجلس الذي أكدت فيه أن حل المشكل بات قريباً.

ورغم مرور سنوات على تهجير هؤلاء التجار، لا زالوا يعيشون أوضاعاً معلقة وسط غياب رؤية واضحة أو إرادة سياسية حقيقية لإدماجهم في نسيج المدينة الاقتصادي والاجتماعي. وفي الوقت الذي يعاني فيه صغار الكَسَابة والتجار من التهميش والإقصاء، برزت معطيات تطرح تساؤلات مثيرة حول خلفيات تماطل المجلس في تنفيذ وعوده.

سوق الربيع يتأخر… وسوق خاص ينجز في ظروف مثيرة!

تساؤلات الرأي العام المحلي بدأت تتجه نحو مشروع سوق خاص تم إنجازه بسرعة لافتة في السنوات الأخيرة على أرض قريبة من سور مراكش التاريخي، وهي أرض مصنفة كمجال محرّم من البناء بموجب الظهير الشريف المؤرخ في 21 غشت 1914 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 95، والذي يحمي الأسوار التاريخية للمدينة بفرض حزام أمان يبلغ عرضه 200 متر يمنع أي بناء داخله.

المفاجأة أن المشروع تم تشييده على مسافة تقل عن 70 متراً فقط من السور، مما يشكل خرقاً واضحاً ومباشراً لظهير ملكي سامٍ، ومع ذلك لم يتم تحريك أي مسطرة لإيقافه أو محاسبة الواقفين وراءه.

الأخطر أن هذا المشروع يرتبط، حسب مصادر متطابقة، بـأحد المنتخبين الكبار في المدينة، والذي سبق له أن كان على رأس تدبير الشأن المحلي، واستغل موقعه السياسي لمنح الترخيص لهذا المشروع إما بشكل مباشر أو عبر واجهات مقربة منه، في تضارب صارخ مع مبدأ المصلحة العامة، وروح القانون، بل ومع أرقى مرجعية تشريعية: الظهير الملكي.

عندما تُنتهك الظهائر الملكية… هل نعيش فوق القانون؟

ما وقع ولا يزال يقع في محيط سور مراكش التاريخي يفتح الباب على مصراعيه أمام أسئلة مقلقة :
• كيف يُسمح بالبناء في منطقة مصنفة قانوناً كمحمية تاريخية ؟
• من يجرؤ على تحدي ظهائر ملكية واضحة ومعلنة؟
• كيف يعجز المجلس الجماعي عن إنصاف صغار التجار لسنوات، بينما تُعبّد الطريق لمشاريع خاصة في أشهر معدودة ؟

وهنا، يصبح من المشروع التساؤل عما إذا كانت الازدواجية في تطبيق القانون أصبحت واقعاً مفروضاً في المدينة : امتيازات للكبار وتعقيدات للصغار.

هل تعيد مراكش إنتاج “قضية السعدي”؟

الملف يعيد إلى الأذهان قضية “كازينو السعدي” الشهيرة، التي هزّت المدينة وأظهرت كيف يمكن أن تتحول المشاريع الكبرى إلى وسائل لتكريس النفوذ والتربح، بعيداً عن الضوابط القانونية والتخطيط الحضري السليم.

فإذا كانت الجهات المسؤولة قد تحركت آنذاك تحت ضغط الإعلام والرأي العام، فإن صمتها اليوم أمام مشروع السوق الخاص وتهميش سوق الربيع يبدو مدوّياً ويُنذر بتكرار نفس السيناريوهات التي تقوض الثقة في المؤسسات وتزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي.

الخلاصة : إنصاف التجار أو انهيار الثقة؟

تجار سوق الربيع لا يطلبون أكثر من تنفيذ وعود رسمية وعلنية، ورفع الحيف عنهم بعد سنوات من الانتظار. أما الاستمرار في تجاهلهم مقابل تمرير مشاريع خاصة غير قانونية لصالح نافذين، فلن يؤدي سوى إلى تعميق الانقسام الاجتماعي وتآكل الثقة في المؤسسات.

إن ما يحدث اليوم في مراكش ليس مجرد إشكال عمراني أو اجتماعي، بل اختبار حقيقي لدولة القانون، ولما إذا كانت القوانين، بما في ذلك الظهائر الملكية الشريفة، لا تزال ملزمة للجميع… أم أن البعض يعتبر نفسه فوقها ؟