أثار الغياب اللافت لطارق حنيش نائب عمدة مراكش، عن حفل تدشين النفق التحتي المعروف بـنفق العياشي أكثر من علامة استفهام في الأوساط السياسية والإعلامية بالمدينة. غيابٌ لم يكن عادياً، ولا يمكن اعتباره تفصيلاً بروتوكولياً عابراً، بالنظر إلى رمزية المشروع، وموقعه الجغرافي، وحساسيته السياسية.
فالنفق المدشَّن يوجد داخل النفوذ الترابي لمقاطعة المنارة، التي تُعد المعقل الانتخابي الرئيسي لطارق حنيش، والذي دأب، منذ توليه مهامه، على الحرص الشديد على حضور تدشينات أقل أهمية من هذا المشروع، فقط لأنها تقع ضمن تراب المقاطعة نفسها. وهو ما يجعل هذا الغياب غير منتظر وغير مفهوم في منطق العمل السياسي المحلي.
غياب في لحظة رمزية
نفق العياشي ليس مجرد منشأة طرقية، بل مشروع طال انتظاره من طرف ساكنة مراكش، وكان يفترض أن يُستثمر سياسياً من طرف المنتخبين المحليين، كلٌّ حسب موقعه، خاصة أولئك الذين يمثلون الدائرة الترابية التي يحتضنها المشروع. لكن، وعلى غير العادة، غاب نائب العمدة، في وقت حرص فيه آخرون على الحضور والتقاط الصور وإلقاء الكلمات.
هذا الغياب، الذي لم يصاحبه أي توضيح رسمي، فتح الباب أمام تأويلات واسعة داخل صالونات مراكش، حيث راج حديث عن كون الأمر يتجاوز مجرد “انشغال عابر”، ليعكس ربما وضعاً سياسياً مرتبكاً يمر به المعني بالأمر.
شبهة الفضائح تلاحق الحضور السياسي
يتداول متابعون للشأن المحلي أن غياب طارق حنيش قد يكون مرتبطاً بتراكم الفضائح والشبهات التعميرية التي بات اسمه يتردد فيها بقوة خلال الأشهر الأخيرة. وعلى رأسها :
• قضية الترخيص لمصحة خاصة مرتبطة به، والتي أثير حولها جدل قانوني كبير، سواء من حيث احترام التراجعات القانونية أو شروط السلامة والوقاية المدنية.
• قضية تحويل عقار يقع في منطقة مصنفة كمنطقة فيلات، حسب تصميم التهيئة المصادق عليه، إلى عمارة من ثلاثة طوابق، في خرق صريح للتنطيق العمراني، ما طرح تساؤلات جدية حول منطق “السلطة والامتياز”.
هذه الملفات، التي انتقلت من مجرد همس في الكواليس إلى مواضيع متداولة إعلامياً، فضلا عن شكايات بعضها خارج المدينة لدى رئاسة النيابة العامة، قد تكون جعلت حضور أي نشاط رسمي كبير مخاطرة سياسية، خصوصاً في ظل عدسات الكاميرات ووجود مسؤولين ترابيين.
بداية أفول سياسي مبكر؟
السؤال الذي يطرحه اليوم عدد من المتتبعين :
هل نعيش بداية نهاية المشوار السياسي لطارق حنيش، وهو الذي لم يقطع بعد سوى بداياته ؟
فالسياسة المحلية لا ترحم، والشارع المراكشي أصبح أكثر وعياً، وأكثر حساسية تجاه قضايا تضارب المصالح واستغلال النفوذ. والمنتخب الذي كان بالأمس حاضراً بقوة في كل الأنشطة، قد يجد نفسه اليوم مضطراً إلى الغياب، لا لغياب الإنجاز، بل لحضور الأسئلة الثقيلة.
إن الغياب عن تدشين نفق العياشي قد لا يكون سوى مؤشر أولي على مرحلة تراجع سياسي صامت، عنوانها : عندما تتحول الملفات المعلقة إلى عبء، يصبح الغياب أحياناً أبلغ من الحضور، و لا ينفع معها تجييش بعض المتزلفين لتلميع صورة سقط قناعها .
