آخر الأخبار

كلمة عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب

في كلمته خلال الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين المنعقد بمدينة مراكش، رسم عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، صورة عميقة ومركّبة للواقع الدولي الراهن، مؤطراً إياها بمنظور اشتراكي إنساني يدعو إلى التضامن والعدالة والسلام.

السيدات والسادة،

سعداء، باسم الفريق الاشتراكي بالبرلمان المغربي، باستقبالكم في مدينة مراكش الحمراء بالمملكة المغربية في الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الشباب، لتوطيد العلاقات المشتركة بيننا دفاعا عن القيم الإنسانية الكونية والعادلة والتضامنية. نستقبل اليوم كل الأصوات الاشتراكية الشابة من مختلف البرلمانات الدولية لنجدد أملنا في عالم تسوده الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، ولنؤكد مرة أخرى أن المشروع الاشتراكي والديمقراطي هو الخيار الأنسب لمواجهة المعضلات الراهنة وتحسين ظروف عيش المواطن.

في مراكش العالمية، مهد الحضارة وإحدى أعماق التاريخ المغربي العريق، نواصل معا مسيرتنا النضالية التي نتقاسم آلامها وآمالها، من أجل هدف إنساني نبيل يتجلى في توطيد الجسور بين شعوبنا وبلداننا، بما يخدم السلم والتعايش وتحقيق التوازنات الدولية اللازمة بين مختلف أقطاب العالم.

السيدات والسادة،

إن تحديات العالم المعاصر مازالت دوما على المحك، بفعل التحولات الجيواستراتيجية المتسارعة والتي أدت في العقد الأخير إلى تحولات عميقة على الصعيد العالمي وعلى مستوى العلاقات الدولية.

فمن جهة، أثرت الأزمة الصحة العالمية لجائحة كورونا على الأوضاع الدولية والجهوية والإقليمية، ورفعت من حجم التحديات الجيوسياسية، مفرزة العديد من الرهانات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وقد أدت هذه الأزمة الصحية بمختلف الدول إلى إعادة النظر في سياساتها العمومية وإعادة ترتيب أولوياتها بما يعزز سيادتها الداخلية في المجال الاقتصادي ويقوي الاستجابة العمومية للدول للحاجيات الأساسية للمواطن.

ومن جهة أخرى، ازدادت حدة الصراع والتوترات في شتى أنحاء العالم، وتواصلت الحرب في أوكرانيا مخلفة آثار عالمية سلبية انعكست بشكل قوي على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الدولية نتيجة اهتزاز منظومة التعاون التجاري وارتفاع معدل التضخم وتراجع معدل النمو في العديد من البلدان. وتعقدت الأوضاع باستمرار الحرب الهمجية التي تقودها القوات الإسرائيلية المحتلة على الشعب الفلسطيني الأعزل، منذ أكتوبر 2023، بما يسهم في زعزعة الوضع في الشرق الأوسط برمته، خاصة مع طغيان الخيارات العسكرية على السبل السلمية لحل المشاكل الإقليمية المطروحة.

أيتها السيدات، أيها السادة،

إن الإشكالات الدولية والإقليمية التي يواجهها العالم اليوم تفرض على الفاعلين السياسيين والبرلمانيين الاشتراكيين العمل من أجل إعلاء صوت السلام وتكريس الخيار السياسي السلمي في حل النزاعات القائمة. كما تفرض على الاشتراكيين التشبث بالأمل في إرساء نظام عالمي عادل ومنصف ينتصر للتعاون بين الدول والشعوب ويعزز التنمية المشتركة التي تعودج بالنفع على الإنسانية جمعاء.

علينا جميعا أن نواجه أيضا الفوارق العالمية التي تكرس سياسة غير منصفة تؤدي إلى الاستنزاف المتواصل للموارد الطبيعية خدمة لمصالح اقتصادية كبرى لا تراعي مصالح الشعوب ورخاءها الاجتماعي. فالاشتراكيون في الوقت الراهن مطالبون، أكثر من غيرهم بالدفاع عن حماية البيئة وتنمية الموارد البيئية بالدفع نحو اعتماد سياسات عمومية إيكولوجية تحافظ على الثروات الطبيعية والاستغلال المتوازن للموارد المتاحة للإنسانية في مختلف بقاع العالم.

نحن الاشتراكيين نجد أنفسنا مضطرين للعمل المشترك وتقوية أدوارنا الجماعية، كل في موقعه، من أجل ترسيخ السلم الاجتماعي وتقليص الفوارق والاختلالات المجتمعية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية في مختلف مناطق العالم.

ولهذه الغاية، نواصل لقاءاتنا الدولية كاشتراكيين ليظل النقاش السياسي مفتوحا بيننا بهدف استكشاف الحلول للمشاكل التي تتهدد عالمنا ودولنا، وبهدف ابتكار تدابير جديدة تسعف في معالجة الأوضاع الاجتماعية والمجتمعية التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

 

السيدات والسادة،

إن السعادة تغمرنا في الفريق الاشتراكي بالبرلمان المغربي لأننا نجحنا في مواصلة اللقاء بيننا، والاجتماع مرة أخرى في الدورة الثالثة من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين، بفضل مجهوداتكم جميعا، وبفضل مجهودات أخينا الحسن لشكر، منسق المنتدى. وتعكس هذه الدروة الثالثة حرصنا جميعا على رعاية المولود الذي شهدنا ولادته هنا في مراكش قبل سنتين، والذي بدأ يكبر ببلوغه سنته الثالثة في إفريقيا، بعد سنته الثانية في بوغوتا بأمريكا اللاتينية.

سيظل المنتدى فضاء مشتركا للبرلمانيين الشباب من مختلف بقاع العالم للتفكير الجماعي من أجل إبداع الأفكار والتصورات التي تسهم في ترصيد مكتسبات الإنسانية والمزيد من تعميم قيم الحرية والعدالة والتضامن بين الدول والشعوب. ففي هذا الفضاء سنستفيد من بعضنا البعض لتعزيز السياسات العمومية ذات الأثر الاجتماعي البالغ، والتي تحرص على الإدماج الفعلي لكل مكونات مجتمعاتنا.