في تصريح أثار اهتمام المتتبعين للشأن الاقتصادي، اعترف وزير الاستثمار السيد كريم زيدان بوجود مشاكل حقيقية تعيق الاستثمار في مدينة مراكش، مرجعاً ذلك إلى تجاذبات سياسية داخلية تؤثر على سير المنظومة الاستثمارية بالجهة.
تصريح صريح يكشف عمق الأزمة
الوزير، الذي كان يتحدث في لقاء رسمي أثناء مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة، اكتفى بالقول إن “مراكش من بين المدن التي تعرف صعوبات بسبب التجاذبات السياسية”، دون الخوض في تفاصيل أكثر. غير أن هذا التصريح المقتضب كان كافياً ليكشف عن عمق الأزمة الخفية التي تعيشها عاصمة النخيل، ويعيد إلى الواجهة سؤال الحكامة والنجاعة في تدبير الاستثمار العمومي والخاص.
اللجان الاستثمارية.. غياب غير مبرر
وحسب معطيات استقتها الجريدة من مصادر مطلعة داخل المراكز الجهوية للاستثمار، فإن اللجنة الموحدة للاستثمار، التي يفترض أن تنعقد أسبوعياً بموجب النصوص التنظيمية، لم تُعقد منذ أكثر من أسبوعين، في حين أن لجنة الاستثناءات لم تنعقد منذ عدة شهور، ما تسبب في تأخر معالجة عشرات الملفات الاستثمارية، بعضها يهم مشاريع بملايين الدراهم.
التجاذبات السياسية في قلب العطب
توضح نفس المصادر أن سبب هذا الشلل يعود إلى صراع نفوذ بين بعض الفاعلين السياسيين الذين يسعون إلى التحكم في مفاصل الإدارة الاستثمارية، من خلال محاولة تعيين أشخاص محسوبين عليهم في مواقع حساسة داخل المؤسسات الجهوية كما كانوا قد نجحو في ذلك في بعض الإدارات العمومية بمراكش، وهو ما خلق توترات داخلية وتباطؤاً في اتخاذ القرارات.
الوزير يتدخل لإنهاء العبث
المعطيات ذاتها تشير إلى أن الوزير كريم زيدان تدخل شخصياً لإعادة الانضباط داخل الإدارة، حيث قام بإنهاء عقود احد الموظفين المرتبطين بولاءات سياسية، في خطوة اعتبرها المراقبون رسالة واضحة ضد كل أشكال التدخل الحزبي في العمل الإداري، وحرصاً على إعادة هيبة الدولة في تدبير الشأن الاستثماري.
دعوات لفصل السياسة عن الاقتصاد
تصريح الوزير وما تبعه من معطيات أعاد النقاش مجدداً حول ضرورة تحييد الاستثمار عن الصراعات السياسية، وتفعيل مبدأ الاستحقاق والكفاءة في تدبير الملفات الحساسة، خصوصاً في مدينة بحجم مراكش التي يفترض أن تكون قاطرة للاستثمار والسياحة والاقتصاد الوطني.
فإذا كان الوزير قد اعترف بوجود “مشاكل بسبب التجاذبات السياسية”، فإن ما خفي أعظم، وما يجري داخل الكواليس يُنذر بأن الاستثمار في مراكش لا يعاني فقط من البيروقراطية، بل من التسييس الممنهج للمرفق العمومي.
ويبقى السؤال مطروحاً:
هل ستكون شجاعة الوزير زيدان بداية لتصحيح المسار، أم مجرد محاولة لكبح النار دون إطفائها؟
