آخر الأخبار

كأس العالم 2030: عُرس رياضي بفاتورة تقصم ظهر الوطن

سندات خزينة تمتد لنصف قرن تموّل بطولة قصيرة… والمغاربة وحدهم من سيدفعون الثمن!

في خطوةٍ أقلّ ما يمكن أن يقال عنها إنها مغامرة مالية غير محسوبة العواقب، قرّرت الحكومة إصدار سندات خزينة تمتد إلى 50 سنة، بهدف تمويل المشاريع المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030. وقد مرّ هذا القرار بهدوء في الصحف الرسمية، لكنه يطرح تساؤلات موجعة حول: من سيدفع الثمن؟ ومتى؟ وكيف؟

فهل يُعقل أن تتحمل أربعة أجيال قادمة أعباء ديون الدولة من أجل حدث رياضي لا تتعدى مدته 30 يوماً؟ وهل صار تنظيم التظاهرات “الاستعراضية” أولويةً في بلدٍ لا تزال مستشفياته تفتقر إلى الأطر والتجهيزات، ومدارسه تغرق في الاكتظاظ، وبنيته التحتية منهكةً في المدن كما في القرى؟

هذه السندات، التي ستمتد إلى نصف قرنٍ من الزمن، ليست مجرد أداة تمويل، بل قيدٌ ثقيل على أعناق المغاربة لعقودٍ قادمة. فالدَّين العمومي أصلاً بلغ مستويات تنذر بالخطر، والاقتصاد المغربي لا يزال يعاني من هشاشةٍ بنيوية، وها هي الحكومة تزيد الطين بلّة بإغراق الخزينة في التزاماتٍ طويلة الأمد، فقط من أجل تلميع صورة ظرفية أمام الكاميرات العالمية.

والأخطر في الأمر أن الحكومة تتعامل مع المواطنين وكأنهم غير معنيين بالقرار، من دون أي نقاشٍ عمومي حقيقي، ولا حتى عرض رسمي لتكلفة هذه المشاريع ومصادر تمويلها. فهل يحقّ لأي سلطة تنفيذية، مهما كانت شرعيتها، أن ترهن مستقبل البلاد بهذه الطريقة؟ وهل يُعقل أن يتحوّل حلم تنظيم كأس العالم إلى فخٍّ مالي مزمن؟

إن الرغبة في جعل المغرب منصةً دولية للأحداث الكبرى لا يجب أن تكون على حساب المعاش اليومي للمواطن المغربي، ولا على حساب السيادة المالية للدولة. فالرياضة يجب أن تكون رافعةً للتنمية، لا وسيلةً للتفاخر الفارغ أو لترقيع إخفاقات سياسية واقتصادية مزمنة.

ثم ماذا بعد؟ هل سنشهد مستقبلاً إصدار سندات أخرى لتمويل مهرجانٍ غنائي أو مؤتمرٍ دولي؟!

ما يحتاجه المغرب ليس ملاعب بمليارات الدراهم، بل مدارس لائقة، ومستشفيات مجهزة، وفرص شغل حقيقية، وشبكات نقل تحترم كرامة المواطنين. أما كأس العالم، فيجب أن يُموَّل بشفافيةٍ وبمساهمة عادلة بين الشركاء الثلاثة، لا أن يتحمّله المغاربة وحدهم، بفوائد مركبة تمتد إلى سنة 2080!

إن إصدار سندات تمتد لخمسين سنة هو بمثابة رسالة سياسية واضحة: “لسنا نحن من سيدفع الثمن، بل أنتم وأبناؤكم وأحفادكم… فهل يقبل الشعب بهذه المعادلة الظالمة؟