آخر الأخبار

قاعة التزلج على الجليد بالرباط، لماذا ؟ لمن؟

إدريس الأندلسي

صرفت أجهزة بلادنا السخية ما يعادل حوالي 300 مليون درهم لبناء قاعة للرياضات التي تعتمد على التزلج على الجليد . اختار صاحب القرار سوقا كانت مخصصة للمسلخة العمومية، و التي كانت تواجه سوق الخضر و الفواكه، بالقرب من حي العقاري. حاولت بكل ما امتلكه من قدرة على الفهم في مجال ربط الإستثمار بكل مؤشرات مردوديته، فتعطلت لدي لغة الحساب، و خاطبت عيناي في لغة التمويل ذلك الذي قرر ربط رياضة تمارس في كندا، و الولايات المتحدة، بالرياضات التي تتمارس بالعاصمة الرباط. و اجتاحتني أمواج من المياه التي لم تصل درجاتها إلى ما ” تحت الصفر”. و توجد بالقرب من هذه القاعة الجميلة جدا ملاعب القرب، و مسبح الربط الكبير. و كلاهما أكبر مردودية إجتماعية و اقتصادية من هذه القاعة الفاتنة معماريا.

ازدانت الواجهة البحرية للأحياء الغربية للعاصمة إذن بقاعة ٢عصرية ،يقال أنها سيصبح أول قاعة في إفريقيا لرياضة التزلج فوق الجليد. كنت أكتفي، قبل سنين، بالاستمتاع بتلك المباريات الراقصة التي كان تنقل عبر شبكة الاوروفيزيون. كان أغلبنا أبناء جيلي يتابع، بإعجاب ،مباريات الهوكي ” سير كلاس” أي فوق الجليد، و مسابقات مباريات تمزج بين الرقص و الموسيقا الكلاسيكية، ترافقها المعزوفات التي تمتزج بالفلامينكو، و شيء من موسيقى التانجو الجذابة. و يليق بكل من يعرف مناخ المغرب أن يتساءل عن الدافع إلى استثمار المال العام في رياضات لن تهم أبناء مدينة الرباط، و كل الأحياء المحيطة بهذه المعلمة الرياضية التي يتطلب الولوج إليها بعض الملابس المكلفة الواقية من البرودة . قد يكون من قرر بناء قاعة للتزلج على الجديد، و ممارسة مباريات التزحلق على الجليد، الذي يكلف الكثير، على علم لا نعلمه. و لكن المؤكد أن الأحياء الهامشية للرباط تحتاج إلى استثمارات نفعها أكبر بكثير من التزحلق على الجليد. لدينا الملايير، و لدينا فقراء يحتاجون إلى تكثيف تجهيزات القرب، و إلى الماء الصالح للشرب، و إلى الولوج إلى العلاجات، و إلى عدم الشعور باليأس و بالتهميش.
و وجب التذكير بأن بناء هذه القاعات التي تكلف أموالا ” تتزحلق” إلى الأعلى، و الأمر لا علاقة له بتعويم الدرهم ” ، أصبح ينتمي إلى عالم ” الموضا ” الرياضية في كثير من الدول في أفريقيا و العالم العربي. و قد شهدنا، و لله الحمد و المنة، كيف أصبح الثلج يتساقط في كثير من دول الخليج، دون تأثير على المناخ، و لكن بتكلفة عالية. اكتفت دول كثيرة، عبر استثمارات خاصة، بإنشاء وحدات صغيرة للتزحلق. لا زال الأمر محدودا ، على صعيد القارة ، في مصر و المغرب و كينيا و جنوب أفريقيا . وسيظل السؤال الذي يستوجب الإحالة على سلم الأولويات هو ذلك الذي يتعلق بمبررات الإستثمار في مثل هذه المنشآت الرياضية. قد تغيب عنا بعض المعطيات التي ستظل حكرا على بعض ” التقنوقراط ” ، و لكن الأهم سيظل ذلك التناقض بين التفاوتات الإجتماعية و المجالية، و إنتظارات المواطنين في مجال إعلان الحرب السياسية على هذه التفاوتات التي تتطلب مسؤولا، و إرادة، و فعلا لتغيير الواقع. ستظل هذه القاعة الجميلة تنتظر بزوغ مواهبا تربت في شمال أوروبا أو في كندا و شمال أمريكا، لكي تصبح رياضة الهوكي واقعا، و ليس مجرد حلم مكلف في يومنا هذا. و قال بعضهم أن هذه القاعة يمكن أن تفتح الطريق لتنظيم الألعاب الأولمبية ” الشتوية” ، و أظن أن هذه الألعاب تحتاج إلى مناخ غير مناخ البحر الأبيض المتوسط الذي تضعفه عوامل الضغط الجوي المتمركز في جزر الأسور.