على بُعد ساعات قليلة من انطلاق العرس الإفريقي ببلادنا، كأس أمم إفريقيا، الحدث الذي عبّأت له الدولة المغربية كل الإمكانيات اللوجستية والبشرية والمؤسساتية ليكون، بشهادة المتتبعين، من أقوى الدورات في تاريخ المسابقة، تتأكد مرة أخرى قاعدة مؤسفة: حين تنجح الدولة، يتعثر التدبير المحلي… وحين يقترب الموعد، تخلف مدينة مراكش.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه باقي المدن المستضيفة جاهزيتها التامة، وتقدمت بثقة نحو استقبال المنتخبات والجماهير، تقف مراكش في وضع لا يليق بتاريخها ولا بمكانتها السياحية والدولية. الأشغال ما تزال متعثرة، والارتجال يفرض منطقه، وسوء التدبير يطلّ برأسه من جديد، في عهد مجلس تقوده فاطمة الزهراء المنصوري.
شوارع استراتيجية… وأشغال بلا نهاية
شارعا علال الفاسي والأمير مولاي عبد الله—وهما من أهم المحاور الطرقية المؤدية إلى الملعب الكبير—ما زالا يعيشان على وقع أوراش لم تُحسم، في توقيت قاتل لا يقبل الأعذار. النتيجة؟ اختناق مروري غير مسبوق، ارتباك يومي لحياة الساكنة، وصورة سلبية تُبث مباشرة لزوار قادمين من مختلف ربوع القارة.

هذه ليست تفاصيل تقنية عابرة، بل مؤشرات صارخة على غياب التخطيط الاستباقي، وانعدام الرؤية، وسوء التنسيق بين الجماعة وباقي المتدخلين. فالتحضير لتظاهرة قارية من هذا الحجم لا يُقاس بعدد البلاغات ولا بصور التدشين، بل بمدى الجاهزية الفعلية على الأرض.
اختيارات فاشلة تتكرر
يزداد الوضع تعقيدًا حين نستحضر أن مراكش، بخلاف مدن مغربية كبرى، لا تتوفر على ترامواي أو نقل حضري في المستوى قادر على امتصاص الضغط الاستثنائي الذي تفرضه مثل هذه التظاهرات. وهو غياب لم يكن قدَرًا، بل نتيجة اختيارات سياسية وتدبيرية وُصفت—منذ الولاية الأولى للمنصوري —بغير الموفقة، واليوم تدفع المدينة ثمنها مضاعفًا.
امتحان التنظيم… ونتيجة مخيبة
الكان ليس مجرد حدث رياضي؛ إنه امتحان حقيقي لقدرة المدن على التنظيم، والالتزام بالمواعيد، واحترام صورة الوطن. وإذا كانت الدولة قد نجحت في الرهان، فإن مجلس مراكش—مرة أخرى—أخفق في امتحان الثقة.
السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح:
من يحاسب على هذا التأخر؟ ومن يتحمل مسؤولية تشويه صورة مدينة عالمية في لحظة إفريقية مفصلية؟
أم أن منطق الإفلات من المحاسبة سيظل القاعدة، حتى وإن كان الثمن هو سمعة مراكش ومصلحة ساكنتها؟
في امتحان الكان، يبدو أن مراكش—في عهد المنصوري—لم تنجح
