أعلن وكيل الملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي، في بلاغ رسمي، أن حصيلة ضحايا الفيضانات التي ضربت إقليم آسفي، على إثر التساقطات المطرية الغزيرة وفَيَضان واد الشعبة، بلغت 37 قتيلاً، في واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، مخلفة صدمة عميقة في صفوف الساكنة والرأي العام الوطني.
وأوضح البلاغ أن النيابة العامة، وفور إشعارها بالحادث، أعطت تعليماتها بفتح بحث قضائي معمق للكشف عن جميع الملابسات المحيطة بهذه الفاجعة، وتحديد المسؤوليات المحتملة، سواء تعلق الأمر بظروف وقوع الكارثة، أو بمدى احترام القوانين والضوابط المرتبطة بتدبير المخاطر، والوقاية من الفيضانات، وحماية أرواح المواطنين.
وأسفرت الفيضانات، التي اجتاحت عدداً من الأحياء السكنية، خاصة بالمدينة العتيقة والمناطق المحاذية للوادي، عن انهيار منازل آيلة للسقوط، وجرف سيارات، وإتلاف ممتلكات خاصة ومحلات تجارية، إلى جانب تسجيل حالات فقدان ونجاة في ظروف مأساوية، وسط عجز البنية التحتية عن استيعاب الكميات الهائلة من المياه المتدفقة.
وأعادت هذه الكارثة المأساوية إلى الواجهة سؤال الجاهزية والاستباق، في ظل تداول معطيات عن تأخر أو محدودية النشرات التحذيرية، وغياب تدابير وقائية فعالة لحماية الأحياء الهشة، رغم كون المنطقة معروفة تاريخياً بقابليتها للفيضانات، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول سياسات تدبير الأودية، ومخططات التهيئة العمرانية.
وفي سياق متصل، واصلت عناصر الوقاية المدنية، والسلطات المحلية، والقوات المساعدة، تدخلاتها الميدانية لانتشال الضحايا، وتأمين المناطق المتضررة، وتقديم المساعدات الأولية للمتضررين، في وقت باشرت فيه لجان مختصة إحصاء الخسائر المادية، وتقييم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمساكن.
من جهتها، طالبت فعاليات حقوقية ومدنية وجمعوية بإعلان إقليم آسفي منطقة منكوبة، داعية إلى التعجيل بإقرار تعويضات عادلة للمتضررين، وإيواء الأسر التي فقدت مساكنها، مع التأكيد على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعدم الاكتفاء بتوصيف ما جرى كـ«حادث طبيعي» دون مساءلة حقيقية.
وتؤكد فاجعة آسفي، التي أزهقت أرواح 37 مواطناً، أن الكلفة الإنسانية للتقصير في الوقاية والتخطيط تبقى باهظة، وأن مواجهة التقلبات المناخية المتزايدة تفرض اعتماد سياسات عمومية استباقية، تضع سلامة المواطن في صدارة الأولويات، وتنتقل من منطق التدخل بعد الكارثة إلى منطق الحماية قبل وقوعها.
