آخر الأخبار

غياب استقلالية القرار الحزبي يخرج للعلن من داخل “الأحرار” بآسفي

أطلق المستشار الجماعي بجماعة الغياث بإقليم آسفي، والفاعل الإعلامي إبراهيم بلهرادي، رصاصة انتقاد جديدة صوب حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد التحالف الحكومي، معتبراً أن غياب استقلالية القرار الحزبي وتغوّل بعض الأسماء على دواليب التنظيم يجعل الحزب يعيش على وقع “أزمة أخلاقية وتنظيمية” تنعكس بشكل مباشر على أدائه السياسي.

بلهرادي لم يتردد في كشف المستور، حيث كتب على حسابه بـ“فيسبوك”: “من نهار دخلنا معاهم كيتجمعو مرة في العام باش يحسبو شحال من واحد غا يمشي لمراكش، ويلا عرفوك غادي تهضر تما متمشيش… أغلبيتهم مطفروهش، في الجماعات، المجلس البلدي، في البرلمان… كولشي يخاف من القباج، والقباج لي قالها ليه سمير هي لي كاينة… إذن نمشيو للبام نيشان… وحنا كنخرجو عينينا ونكذبو على المواطن”. وهي شهادة من الداخل تفيد بأن “الكذب على المواطن” بات قاعدة، في مقابل عجز واضح للأطر المنتخبة عن تحقيق أي إنجاز ملموس.

وأضاف بلهرادي، في تفاعل لاحق مع متابعيه، أن الأمر لا يتعلق بتمهيد لترحال سياسي، بل قد يكون بداية لإنهاء المشوار وحفظ ماء الوجه، مشدداً على أن الانضمام إلى حزب آخر صعب لأن “من يقبل انضمامي يجب أن يقبل صراخي”. وهو تصريح يكشف حجم الاحتقان داخل الحزب ويؤشر على تصدعات قد لا تبقى محصورة في آسفي، بل تتسع لتشمل جهات أخرى.

هذه الخرجة تتزامن مع سياق وطني متوتر، إذ لم يمض وقت طويل على اللقاء الإعلامي الأخير لرئيس الحكومة، الذي كان من المفترض أن يبدد الغموض ويجيب عن انتظارات الشارع، فإذا به يتحول إلى لوحة احتجاجية قوية عكست عمق الأزمة الاجتماعية والسياسية التي تخنق البلاد. فملفات مثل ضحايا زلزال الحوز الذين ما يزال كثير منهم تحت الخيام، وفضيحة “مستشفى الموت” بأكادير الذي تديره الجماعة التي يترأسها رئيس الحكومة نفسه، وتدبر شؤونها الجهة التي يقودها حزبه، جعلت صورة الحكومة مهزوزة وفاقدة للمصداقية في نظر المواطنين.

ويرى متتبعون أن تصريحات بلهرادي مؤشر على انهيار الثقة داخل حزب يقود الدولة، ويواجه عاصفة من الاحتجاجات الاجتماعية المتصاعدة. وإذا كان الحزب عاجزاً عن تدبير خلافاته الداخلية أو عن إقناع أطره، فكيف له أن يقنع المواطنين الذين صوّتوا له على أساس الوعود الكبرى؟

هكذا تتعاظم الأسئلة حول قدرة التجمع الوطني للأحرار على الاستمرار كقوة سياسية قادرة على قيادة الحكومة، في ظل أزمات اجتماعية خانقة، واتهامات مباشرة من قواعده بالفشل والتضليل. وتبدو الصورة أكثر قتامة حين يتأكد أن الحزب يعيش عزلة داخلية وخارجية، حيث تتآكل شرعيته من الداخل بانتقادات أعضائه، ومن الخارج بحراك اجتماعي قد يعصف به سياسياً إن لم يبادر إلى مراجعة شاملة تضع حداً لاحتكار القرار وتعيد الثقة للمواطنين.