آخر الأخبار

عيد الفطر و معتقلي الريف

َمحمد نجيب كومينة 

كان بالامكان، بل وكان مناسبا سياسيا وانسانيا، استغلال فرصة عيد الفطر لاصدار عفو شامل على معتقلي حراك الريف و انهاء اعتقال الصحفيين بمراعاة جملة من المعطيات الوطنية والدولية التي تجعل طي تلك الملفات تصب في المصلحة الوطنية وتقوي الدولة ولا تضعفها.

لكن المؤسف ان المنطق الوارد في البلاغ الصادر ليلة العيد جعل هذه الفرصة السانحة تفوت و جعل العفو الجزئي بلا دلالة ولا اثر.
ذلك ان المعالجة السياسية لملفات الاعتقال السياسي، او ذي العلاقة بالحراكات، تقع على النقيض من منطق الاستسلام الذي ورد في البلاغ وتتعالى على تصريف الاحقاد التي يمكن ان تكون قد نتجت عن لحظة نزاع او صراع، وهذا ما يستفاد حتى من تجربتنا المغربية مند ستينات القرن الماضي، حيث لم يرتبط العفو بالاستسلام وانما بالسعي الى التجاوز والبحث عن حلول مستقبلية للنزاعات او الصراعات التي كانت اشد وكانت في بعض الاحيان تقود الى العنف.
اذ لو كان الاستسلام هو الشرط الوحيد للاستفادة من العفو الملكي لما صدر العفو الشامل على المعتقلين السياسيين والمغتربين في سنة 1993، الذي شكل محطة من محطات الاصلاح خلال ذلك العقد، ولما صدر العفو في حق عدد من المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا في اطار ما سمي ب”المؤامرة” سنة 1963 ولما تم العفو اكثر من ذلك على العسكريين الذين شاركوا في المحاولتين الانقلابيتين سنتي 1971 و 1972 و على من شاركوا في تمرد مولاي بوعزة سنة 1973، ولما عاد عبدالرحمان اليوسفي والفقيه البصري ومحمد بنسعيد وعبدالسلام الجبلي وابراهام السرفاتي و قياديو ومناضلو التنظيمات اليسارية، ولما اطلق سراح بنزكري و رفاقه في السجن المركزي بالقنيطرة و لما وصلنا الى مرحلة تنظيم مسلسل العدالة الانتقالية والى التفاخر به و تقديمه كنموذج للاحتداء…
قد يكون ماورد في الفقرة الاخيرة من البلاغ صالحا في حالة المعتقلين في اطار محاربة الارهاب، لان من لم يتنازل عن ميله الى القتل يبقى خطرا على المجتمع والدولة كما تبين من التجربة، لكنه لا يصلح لما يتعلق الامر بمعتقلين تم الزج بهم في السجون في اطار التدافع السياسي والحراك الاجتماعي السلمي، بل انه يصبح متى اسقط على هذه الحالات الاخيرة كارثة فكرية وسياسية وحاملا لرسالة لا تمت للعصر الذي نعيش فيه باية صلة، لانه يصبح والحالة هذه عودة الى منطق القبيلة، اي منطق ماقبل السياسة وما قبل الدولة الحديثة.
مؤسف حقا