آخر الأخبار

ظاهرة الإشاعة بالمجتمعات

الإشاعة ظاهرة إجتماعية خطيرة على الفرد وعلى المجتمع، وهي بضاعة شيطانية، من الشيطان بدأت، وإليه تعود، فهو أول من روّج الإشاعات الكاذبة تحت مُسميات برّاقة، وتغطيتها بأستار مزركشة وشفافة، حينما دخل على آدم وزوجه، ليخرجهما مما كانا فيه من نعمة ونعيم!

( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) سورة الأعراف 20-22

بداية، لا بد من تعريف بسيط للإشاعة، فهناك من يعرفها بأنها ضغط اجتماعي مجهول المصدر،يحيطه الغموض والإبهام،وتحظى من قطاعات عريضة بالاهتمام، ويتداولها الناس لا بهدف نقل المعلومات، وإنما بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار. ويمكن تعريفها بتعمد نقل الكلام والترويج له من غير تثبت وبثه ونشره بعدة طرق بين الناس دون ضابط أو قيد، أو هي المعلومات أو الأفكار،التي يتناقلها الناس، دون أن تستند إلى مصدر موثوق به يشهد بصحتها، أو يحتوي على جزءً ضئيل من الحقيقة، وتكون قابلة للتصديق. وقد تساعد في ذلك، وبشكل كبير، بعض المواقع الإلكترونية المحسوبة على الجسم الإعلامي إضافة لمواقع التواصل الاجتماعي التي تنتشر فيها الإشاعة كالنار في الهشيم، فتتخطى الإشاعة كل الحدود الجغرافية في ثوان معدودات فقط لتصل مختلف البقاع. وباختصار فالإشاعة معلومة لا يتم التحقق من صحتها ولا من مصدرها.

هناك فرق بسيط بين الإشاعة والشائعة، ألا وهو عنصر القصد الصادر عن ناقل الخبر، وهو ما يميز الإشاعة التي يعي ناقلها الكذب ويتعمد نشره. أما الشائعة فتنتشر بشكل تلقائي، دون أن يدري ناقل الخبر زيفه وكذبه.

ويلاحظ أن من بين دوافع نشر الإشاعة وسط المجتمع، هو تغيير الحقائق وتشويه سمعة رمز من رموز الأمة أو غيرهم من الأشخاص، ذاتيين كانوا أو معنويين، لتنفير الناس منهم بغية تحقيق هدف أو أهداف معينة.

وتجدر الإشارة إلى أن من أخطر أنواع الإشاعات على الإطلاق، الإشاعة الحاقدة، التي تنتشر بين المواطنين لبلبلة الرأي العام، وتنتهي بما يفتريه أصحاب النفوس المريضة، إشباعا لرغباتهم الشخصية أو إرضاء لرغبات ونزوات أطراف معينة. وهذا النوع من الإشاعة يختلف عما يطلق عليه مسمى الإشاعة الحقيقية التي لها مصدر موثوق وحقيقة مؤكدة، ويكون الهدف منها هو استبيان تأثير الخبر على سامعه، وتتخذ على ضوئه إجراءات من قبيل التعديل والتغيير قبل الإلزام بالتنفيذ والتطبيق. وهذا هو ما يمكن تسميته بالمقياس الذي تستخدمه بعض الدول لترى مدى قابلية الشعوب أو رفضها لإجراءات تريد الدولة الإقدام عليها وبالتالي إلزام الشعوب بها. وهنا أريد التذكير ب )قانون تكميم الأفواه( أو ما اصطلح عليه ب )قانون بنعبدالقادر( الذي أثار ضجة كبيرة، فتم سحبه كما أعلن عن ذلك رسميا.

للتصدي لظاهرة الإشاعة، وجب التذكير بمايلي:

 

  • إستحضار القيم الدينية والأخلاقية انطلاقا من الأثر القائل: )دع ما يريبك إلى ما لا يريبك(، وتذكر أن المؤمن لا يكذب.
  • الوقوف ندا لمن ينقل إليك إشاعات أو شائعات.
  • مسؤولية المدرسة والبيت والتثقيف بغية زيادة الوعي لدى المواطن والتحذير من الخوض في أعراض الغير.
  • عدم الالتفات إلى الشائعات.
  • عدم اتباع ماليس عليه دليل صحيح، وهنا يحتاج الدليل إلى مصدر معروف وجهة موثوق بها، وضرورة التثبت من سلامة المصدر وصحة الموضوع.
  • توعية المواطنين بحقيقة موضوع الإشاعة، لإزالة الغموض وبيان الحقيقة.
  • الكشف عن مروجي الإشاعة وفضحهم ليحذرهم الناس، ولا ينساقون وراءهم.
  • تذكر أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، ولا تثمر إلا البذرة الصالحة، حتى وإن ساد الباطل لفترة طالت أو قصرت، فحبل الكذب قصير.

 

عبد الرزاق الحيحي / مراكش