قدم عبد الاله طاطوش رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان و حماية المال العام، الى كل من :
الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش
رئيس غرفة الجنايات الابتدائية ( قسم جرائم الاموال)، مذكرة دفاعية، مرفقة بمحضر معاينة المفوض القضائي، في اطار الملف الجنائي ابتدائي ” قسم جرائم الاموال” ملف عدد : 222/2623/2021 مع طلب بانجاز خبرة ثلاثية ، جاء فيها :
السادة المحترمين،
تتقدم الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان وحماية المال العام/ الطرف المدني بهذه المذكرة قصد عرض مجموعة من الوقائع المتعلقة باستعمال مسطرة الصفقات التفاوضية خارج شروطها القانونية، بشكل أدى الى المساس بمبادئ الشفافية، وحماية المال العام وتأتي هذه المذكرة في اطار ممارسة الحق الدستوري في التبليغ عن جرائم الفساد المالي والاداري، وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ان اللجوء الى الصفقات التفاوضية باعتبارها مسطرة استثنائية، لا يجوز باي حال من الاحوال ان يتحول الى وسيلة لتمرير الصفقات خارج نطاق الشفافية ودون مبررات واقعية وقانونية، فالصفقات التفاوضية من بين المساطر الاستثنائية التي نظمها المشرع لضمان مرونة محدودة في تدبير الطلب العمومي شريطة احترام شروطها الموضوعية والشكليات المنصوص عليها ويبرز في هذا الاطار دور العنصر الزمني والمكاني في تكييف الحالة القانونية المبررة لاعتماد التفاوض، لاسيما في حالة الاستعجال القصوى الناتجة عن قوة قاهرة او تهديد مباشر لاستمرارية المرفق العام، او عندما تكون خدمة محل العقد مرتبطة بموقع جغرافي لا يسمح بمنافسة فعلية، ومع ذلك فان الأساس القانوني للمسطرة قد يستند الى موانع تقنية او حقوق حصرية، وبالتالي فإن التقدير القانوني لصحة اللجوء الى الصفقة التفاوضية يظل رهينا لوجود أسباب موضوعية قابلة للإثبات، وباحترام مبدأي الاستثناء والتعليل المنصوص عليها في قواعد تدبير الصفقات العمومية.
ويتبين من خلال معطيات الملف وما رافقه من وثائق ومؤشرات واقعية أن مسطرة اللجوء إلى صفقات تفاوضية قد استعملت خارج إطارها القانوني الضيق، وبشكل يرجح وجود انحراف وتحويل هذا الاستثناء إلى آلية ممنهجة لتمرير صفقات مشبوهة بعيدا عن مبدأ المنافسة والشفافية، وتتلخص وقائع هذا الملف في كون الجهة المتعاقدة للمجلس الجماعي لمراكش أقدمت على إبرام مجموعة من الصفقات التفاوضية بمناسبة انعقاد مؤتمر التغيرات المناخية COP 22 بمدينة مراكش في الفترة ما بين 07 و 13 نونبر 2016 دون أن تكون هذه المبررات قائمة على أسباب واقعية أو تقنية صحيحة، وقد اظهرت المعلومات المتوفرة أن :
الاستعجال المزعوم لم يكن قائما بل كانت الظروف العادية تسمح بإجراء مسطرة المنافسة ونشر طلب عروض وفق المقتضيات القانونية حيث تم تمرير عدد مهم من الصفقات في ظرف وجيز عبر التفاوض المباشر، رغم ان التحضير ل COP 22 كان معروفا منذ سنة 2015 ما ينفي وجود (استعجال مفاجئ).
لقد رصدت الجمعية تناقضات صارخة في كلفة بعض أشغال عبر إجراء مقارنة بسيطة بين أثمان هذه الأشغال في إطار الصفقات التنافسية (عروض الأثمان) وبين أثمان نفس الأشغال في إطار الصفقات التفاوضية،كما هو الحال بالنسبة للصفقة رقم 97-16 في إطار عروض الأثمان الخاصة بصيانة الطرق والتي فازت بها شركة ” ESE GRTP S.A” بشهر نونبر 2016 بعدما قدمت عرضا بقيمة 495 درهم للطن الواحد من الزفت و 10 درهما للمتر المربع الواحد بالنسبة لعملية كشط القشرة القديمة للزفت، وبنفس الشهر وبتاريخ 07 نونبر 2016 فازت نفس الشركة بصفقة تفاوضية رقم 132-16 بقيمة 1.939.200.00 درهم من اجل انجاز نفس الأشغال ( صيانة الطرق) بعدما قدمت عرضا بقيمة 800 درهم للطن الواحد من الزفت، و 40 درهم للمتر المربع الواحد بالنسبة لعملية الكشط، ما يعني مضاعفات القيمة الحقيقية للأشغال مرتين والكشط لأربع مرات مما يعتبر ادعانا في تبديد المال العام وبالرجوع أيضا إلى الوثائق الخاصة لهذه الصفقات، يتضح أن النائب الأول للعمدة ابرم صفقة تفاوضية تحت رقم 16-140 من طرف شركة” SNL TRAVAUX” بقيمة 3.882.720.00 درهم من اجل انجاز أشغال خاصة بصيانة الطرق بتاريخ 30 دجنبر 2016، أي بعد انتهاء المؤتمر الدولي للتغيرات المناخية،وهي الصفقة التي كلفت 800 درهم للطن الواحد من الزفت و 30 درهم للمتر المربع الواحد بنسبة عملية الكشط.
لقد رصدت الجمعية ما لا يقل عن 14 صفقة تفاوضية تم إجرائها في إطار الأشغال الخاصة بتحضير لفعاليات المؤتمر الدولي لتغيرات المناخية، غير أن عملية الانجاز لم يتم الشروع فيها إلا بعد انتهاء هذا المؤتمر، ما يعني أن مبرر الصفقات التفاوضية قد انتفى في هذه الحالات وهو ما يطرح السؤال حول مدى ضرورة إجراء صفقات تفاوضية بدل الصفقات التنافسية اقل تكلفة وبأحسن جودة ومن بين هذه الصفقات التي لم يتم الشروع في انجازها إلا بعد انتهاء المؤتمر المذكور، الصفقة رقم 124-16 والخاصة بتهيئة زنقة YVES SAINT LAURENT أمام حدائق ماجوريل بتكلفة 8.889.540.00 درهم مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة .
حيث عاين المفوض القضائي الذي انتدبته الجمعية شروع المقاول لانجاز أشغال هذا الطريق خلال شهر مارس 2017 ( ستجدون رفقته محضر المفوض القضائي) أي بعد انتهاء مؤتمر COP 22 بأزيد من 4 أشهر علما أن المقاول فاز بهذه الصفقة بعد أن قدم عرضا بقيمة 350 درهم للمتر المربع الواحد بالنسبة للحجر اللاصق (بافي) في الوقت الذي سبق للمجلس الجماعي لمراكش أن أنجز نفس الأشغال الخاصة بالحجر اللاصق لم تتجاوز فيها تكلف المتر المربع الواحد 90 درهم وهو ما يعتبر بالنسبة لنا إصرارا وإمعانا في تبديد للمال العام، طالما ان عملية الانجاز تمت بعد انتهاء مؤتمر التغييرات المناخية.
فيما يخص الخبرة الثنائية المنجزة بتاريخ 26/09/2025 من طرف الخبيرين السيد رضوان لفندي والسيد علي اوحميد بناءا على الأمر التمهيدي الصادر عن محكمتكم الموقرة بتاريخ 08/12/2022 في اطار الملف الجنائي الابتدائي عدد 222/2623/2021 القاضي بإجراء خبرتين الحسابية والتقنية وبعد الاطلاع على تقرير الخبرة المذكورة تبين أن هاته الأخيرة عبارة عن خبرة وصفية ( موضوع انشائي) للصفقات ومراحل انجازها فمثلا بالنسبة للصفقة 132/16 المتعلقة بأشغال نائل الصفقة شركة” ESE GRTP S.A” بمبلغ 1.939.200.00 درهم والتي قدمت عرضا بقيمة 800 درهم للطن الواحد من الزفت و 40 درهم للمتر المربع الواحد بالنسبة لعملية الكشط .فيما يخص مضمون الخبرة المنجز بالنسبة لهاته الصفقة 132-16 فقد أكدت الخبرة أن الاثمنة الخاصة بهذه الصفقة تدخل ضمن مجال الاثمنة المتداولة خلال سنة 2016 وهذا ما يعتبر تناقضا وبعيدا عن الحقيقة حيث ان هناك صفقة رقم 97-16 بتاريخ نونبر 2016 نائل الصفقة نفس الشركة “ESE GRTP S.A” في إطار عروض الأثمان الخاصة بصيانة الطرق قدمت عرضا بقيمة 495 للطن الواحد من الزفت و 10 درهم للمتر المربع الواحد ما يعني مضاعفة القيمة الحقيقية للأشغال مرتين والكشط بأربع مرات.
السادة المحترمون :
ان ما تم الوقوف عليه لا يتعلق بمجرد إخلال شكلي بل يمثل مسا مباشرا بمبادئ الشفافية والحفاظ على المال العام تحت غطاء الاستثناء ولهذا نطلب من محكمتكم الموقرة التحقق العميق من دوافع اللجوء إلى هذه المسطرة وتمحيص أثارها المالية وفتح الباب لإعمال المتابعات المستحقة متى تثبت عناصر الإخلال أو الانحراف ربطا للمسؤولية بالمحاسبة وحماية للمال العام من اي استغلال او تلاعب، كما نطلب من محكمتكم الموقرة الأمر بإنجاز خبرة ثلاثية.
ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر.
