أثار توقف إمضاء رخص البناء لأكثر من أسبوع بجماعة مراكش موجة استياء واسعة في صفوف المنعشين العقاريين والمهنيين والمواطنين، بعد أن عُلِّل هذا التوقف، حسب مصادر متطابقة، بانتهاء صلاحية “مفتاح الإمضاء الإلكتروني” الخاص بالنائب الرابع لرئيسة المجلس الجماعي لمراكش طارق حنيش.
مبررٌ تقنيٌّ في ظاهره، لكنه يفتح، في عمقه، أسئلة ثقيلة حول منسوب الجدية والمسؤولية في تدبير قطاع حيوي كالتعمير، المرتبط مباشرة بدينامية الاستثمار، واستمرارية الأوراش، واحترام آجال معالجة ملفات المواطنين. فالمعروف أن منصة رخص تُشعِر صاحب المفتاح الإلكتروني بقرب انتهاء الصلاحية قبل أزيد من شهرين، ما يتيح هامشًا زمنيًا كافيًا لتجديده دون أي ارتباك إداري أو تعطيل للمصالح.
تعطيل غير مبرر وآثاره المباشرة
إن توقف الإمضاء لأكثر من أسبوع لا يمكن اعتباره “خللًا تقنيًا عابرًا”، بل هو تعطيل فعلي لمسار قانوني وإداري تم رقمنته أساسًا لتفادي مثل هذه الأعطاب. والنتيجة المباشرة كانت شللًا مؤقتًا في ملفات البناء، وتأخيرًا في انطلاق أوراش، وتعطيلًا لمعاملات مالية، فضلًا عن خسائر زمنية ومادية يتحملها المستثمر والمواطن على حد سواء.
أين الحسّ الاستباقي؟
السؤال الجوهري الذي يطرحه المتضررون اليوم هو: كيف يمكن لمسؤول مفوض له قطاع التعمير أن يغفل إجراءً استباقيًا بسيطًا كتحيين مفتاح الإمضاء، وهو إجراء معلوم الآجال والتنبيهات؟ وهل يعكس هذا السلوك غيابًا للحسّ الإداري المطلوب، أم استخفافًا بأهمية الزمن الاستثماري وبحقوق المرتفقين؟
التعمير ليس مجالًا للتجريب
قطاع التعمير ليس مجالًا للتجريب أو الارتجال. إنه رافعة أساسية للاقتصاد المحلي، ومؤشر على نجاعة الحكامة الترابية. وأي تعطيل غير مبرر فيه ينعكس سلبًا على صورة المدينة، ويقوّض الثقة في الإدارة، ويُغذّي الإحساس باللايقين لدى المستثمرين، في وقت تُرفع فيه شعارات تشجيع الاستثمار وتبسيط المساطر.
مسؤولية سياسية وإدارية
إن ما وقع يعيد النقاش حول حدود المسؤولية السياسية والإدارية داخل المجلس الجماعي، وحول آليات المحاسبة عن القرارات — أو اللامبالاة — التي تمس مصالح عامة. فالمواطن لا يهمه المبرر التقني بقدر ما يهمه استمرار الخدمة العمومية دون انقطاع، واحترام الآجال، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ختامًا، قد يكون “مفتاح الإمضاء” قد انتهت صلاحيته، لكن الأخطر هو أن تنتهي، معه، صلاحية الجدية واليقظة في تدبير شؤون مدينة بحجم مراكش، مدينة يُفترض أن تكون في طليعة المدن الجاذبة للاستثمار لا مثالًا على تعطيله.
