آخر الأخبار

شيوخ السجية بمراكش : محمد بن ابراهيم الحرار

سعيد عفلفل

انجبت مدينة مراكش العديد من شعراء الملحون الفطاحل الذين اغنوا ديوان الملحون بقصائد كثيرة ، وساستهل هذه السلسلة بنبذة عن حياة و احد من ابرز الشعراء وهو الفقيه محمد بن ابراهيم الحرار.

اسمه محمد والحرار اسم عائلته وليست صنعته، كان شيخ اشياخ الملحون بمراكش بعد وفاة السي التهامي المدغري؛ نظم العديد من القصائد سناتي على ذكر بعضها لاحقا وهو معروف كثيرا بقصيدة “الجار” نظمها في بوستة الذي كان باشا على مراكش وكان منزله قريبا من منزل الفقيه ابن ابراهيم. يحكى ان الباشا بوستة اراد ان يوسع مسكنه ويبني “رياضا” فاضطر الى شراء دار ابن ابراهيم، فاستدعاه لغداء وطلب منه ذلك، الا ان ابن ابراهيم اعتذرلكون الدار دار اجداده ولا يريد ان يفارقها. غير ان اتباع الباشا اخذوا يضطهدون الفقيه وكان ان دخل ابن ابراهيم داره فوجد زوجته تبكي فلما سالها عن السبب قالت انها لما انتهت من تنظيف المنزل تركت الكناسة بباب الدار فجاء اصحاب الباشا وعنفوها تعنيفا جارحا تحت ذريعة توسيخها باب دار المخزن. فاغتاظ ابن ابراهيم لذلك ونظم قصيدته المشهورة “الجار” ؛وحدث ان “الرياض” الذي كان يبنيه الباشا بوستة سقط قبل اتمام البناء، فاعلم الباشا بذلك وهو بدار المخزن فسأل هل اصاب احدا فقيل له لا، فحمد الله وطلب الفقيه ابن ابراهيم واسترضاه.
وحربة قصيدة “الجار” هي:
لا تهجر جارك يا معاقب بالجور اللي مجاورو
ارفق بجارك لا تكن جاير المومن مايجور
عار الجار على الجار

يقول احد الشعراء و الرواة المراكشيين وهو السي محمد الوقايدي أن الشاعر ابن ابراهيم لم يكن مجاورا لبوستة لان عائلة هذا الاخير كانت تسكن حومة قاعة ابن الناهض (بناهيض) وحومة ابن ابراهيم هي الزاوية، وانما قال هذه القصيدة في احد جيرانه كان يستنكر مجاورته لكثرة زوار الشاعر من الاشياخ.

اما الشيخ الكحييل المراكشي ، وهو من اكابر الرواة والنقاد العارفين بالملحون فيقول ان قصيدة “الجار” قيلت حقيقة في الباشا بوستة بدليل قول الشاعر:
العن شيطانك لا يغرك ابليس الغي مناكرو ارحم ترحم لا تهاجر
لا تحقد لا تجورواكظم غيظك تزار
ارفق فاحكامك من اتظلم محتوم عليك تنصرو و يلا كنت للضيف ناصر
من ينصرحق ربنا لابد ينصرو

فقوله “ارفق في احكامك” وما بعدها يدل على ان المخاطب كان متوليا متمكنا.
أما السي قدور الغزايل وهو من الخزانة المعروفين فيقول إن ابن ابراهيم كان يسكن حومة أزبزط بدرب الفران وانه كان يؤدب أبناء الباشا بوستة وكانت له مودة معه وكان يجالسه ومعهما الوزير ابن ادريس، وكانت لابن ابراهيم بنتان، احداهما تزوجها الحاج الطاهر والد شاعرالملحون عبدالرحمان بن الطاهر؛ حدث ان طلق الحاج الطاهر بنت ابن ابراهيم فهجاه هجاء شديدا.
توفي الفقيه محمد بن ابراهيم حوالي 1300 هجرية وجل كلام هذا الشاعر الفحل يعتبر ضائعا.
نظم ابن ابراهيم قصائد كثيرة لعل ابرزها:
*قصيدة “مباركة” وحربتها:
حرمة نعم الغني الملك ديري يا لالة معاك شرع المولى لمن هواك
يستحسن في بها جمالك يامولاتي مباركة

*قصيدة “الورشان” وحربتها:
سر بكتابي ياورشان سلم على البدر السيار قل لصابغ لشفار قرة بصاري
طالت الغيبة فاكد من هواك نزيارة

وهو قصيدة في قياس عيون المهرة للسي التهامي المدغري.
*قصيدة “الياقوت” وحربتها:
ياهلال الزين المنعوت يالياقوت عالج العاشق روحو في بهاك زاكت
*قصيدة “خديجة” وحربتها:
نوضو يالبنات بايعو من صالت بالزين والبها سلطانة الغناج
في البهجة تستاهل النصر مصباحة الباهيات الغزال خديجة
وهي في قياس الباي للسي التهامي
*قصيدة “جوهرة” وحربتها:

قلبي اللي كواتو كي بلا نار جوهرة جيد الدامي توكة المهر
قامة بند علام راية السلطان
وهو في قياس “فاطمة” للمصمودي ، إذ ان الحربتين تتشابهان الى حد كبير. يقول المصمودي في قصيدة “فاطمة”
قلبي اللي كواتو كي بلا نار فاطمة خد الوردة صانغ الشفر
ولا ياقوتة في قبة السلطان
*قصيدة “الشمعة” وحربتها:
شف الشمعة تبكي ويالفاهم من حر شواقها شواقو بكاتو
لفتيلة مشعولة في قلبها وبالحر شكات