إدريس الأندلسي
تعرف يا وزير الداخلية المحترم أن شبكة التواصل الإجتماعي لها سلبيات كثيرة، و لكنها تمكن المواطن، في بعض الأحيان، من الإستماع إلى بعض المواقف التي تقوي لدية الإيمان بقوة مؤسساته و بمن يقوم بتدبيرها. سمعتك ، أيها الوزير المحترم، و أنت تؤكد بحزم أن كل ” من أخذ مترا مربعا أو درهما، بدون وجه حق ” لن يهنأ به ” . و بينت بأن هذا الذي أخذ حقا خارج القانون عليه أن يرجعه دون تماطل الى مصدره. و إن لم يفعل ، فسيتم تفعيل القانون بدقة و صرامة، و سوف يأخذ الأمر مجراه. كانت نبرة صوتك تبين صدق خطابك. و كانت عباراتك التي كررتها عدة مرات، تبين أنك عازم أن تطبق التوجيهات الملكية في مجال ربط المسؤولية بالمحاسبة، بعزم و استمرارية على الجميع. و لا يمكن لأي مواطن إلا أن يحيي فيك هذا الأسلوب المباشر للتعبير عن الإرادة في حماية الملك العام و المال العام.
و تعرف، السيد الوزير، أن الوزارة التي تشرف عليها تتوفر على كل المعطيات التي تشكل خارطة المخاطر المحدقة بالثقة في المؤسسات. لا أظن، و هذا يقين يكاد يعم الجميع، أن كثيرا من اغنياء هذا الزمن التدبيري للسياسة في جماعات الوطن الترابية، ظهروا إلى الوجود منذ بداية الثمانينات. شاءت إرادة بعض الوزراء، الذين سبقوك ، أن يضعوا بين يدي رؤساء الجماعات الترابية، كثيرا من التكليفات و السلطات في مجال تدبير التعمير و الإسكان ، و حتى الإستثمار و كثيرا من الصفقات العمومية و الخدمات الإدارية التي لا زالت صعبة المنال بالسرعة المطلوبة . و هكذا تمكن البعض من رؤساء هذه الجماعات، و أتمنى أنهم قلة، التحول من أناس عاديين إلى ذوي مواقع غير عادية. و لا أظن أنك لا تتابع الأخبار، و الإخباريات، عن تضخم ثروات من تحولوا من مستخدمين صغار إلى مسؤولين كبار ذوي جاه، و مال و عقارات. و لا أظن أنك لم تتأثر بأوضاع فئات مجتمعية كثيرة وضعت ثقتها في كثير من المسؤولين الذين تحولوا من طالبي ثقة مواطنين إلى منتفعين و ذوي ثروات. و لا أظن أنك ضد محاسبة من اغتنى بمجرد ممارسة مسؤولية ” سياسية” . و يجب على كل مواطن سمعك أن يشكرك على اهتمامك بتدبير الشأن المحلي على أسس الشفافية، و حماية مصالح المواطنين، و تأمين مسالك صرف المال العام المعقدة، و سهلة التصرف في زواياها الخفية عن الأنظار.
يعرف كثير من مهندسي الموانئ أن المسؤولية في هذا المجال صعبة، و تتطلب كثيرا من الترقب و التتبع المستمر ،لأن الميناء مدخل إلى الإقتصاد، و له علاقة بأمن و استقرار البلاد. و أظن أن تجربتك في هذا المجال جعلت منك ساهرا على دقة و جودة التدبير العمومي. و لا يمكن إلا أن تجد مساندة كبيرة لكي يجد المواطن في جماعته الترابية ما يدفعه للارتباط بها، و تزيد لديه الثقة المبنية على المحاسبة في احترامها. لقد هجم اليأس منذ سنين على نظرة المواطنين لهذه المؤسسات الحيوية، و أصبح من اللازم إعادة النظر في قوانينها التنظيمية لدعم إشراك الاطر ذات الكفاءة في تدبيرها. لقد سيطر بعض الأميين على القرار، كما سيطر عليه بعض المتعلمين الذين يقفون اليوم أمام محاكم المملكة. لا يمكن أن تظل سلطة الوصاية ذات طابع شكلي و مسطري، و لكن أن تتحول إلى سلطة وقاية من نزوات بعض المفسدين. لا أرجو إلا التوفيق لكل من يحب هذا الوطن بالأفعال التي تقيه ممن يدفعون المواطنين إلى اليأس. كل متر مربع تم الاستيلاء عليه، و كل درهم تم إستغلاله خارج القانون يجب أن يرجع إلى المال العام و الملك العام.
