آخر الأخبار

شارع محمد الخامس بمراكش… واجهة المدينة تتحول إلى نموذج لسوء الأشغال

لم يعد شارع محمد الخامس، القلب النابض لحي جليز وأحد أبرز المعالم الحضرية لمدينة مراكش، يليق بمكانته التاريخية والسياحية. فبعد الأشغال الأخيرة لما سمي بـ” تهيئة الشارع ”  تحوّل المشهد إلى ما يشبه ورشة مفتوحة تفتقر إلى الإتقان، مما أثار موجة واسعة من الانتقادات بين الساكنة والزوار على حد سواء.

جودة أشغال تثير التساؤلات

الصور المنتشرة من عين المكان تكشف بشكل صارخ عن تشققات في الأرصفة، انخفاض منسوب بعض المقاطع الإسفلتية، وظهور فجوات وأغطية خدمات غير متناسقة مع مستوى الرصيف. كما تظهر مواد تنفيذية رديئة، خصوصًا في طريقة صب الخرسانة المعالجة ( 0béton désactivé ) التي جاءت بلون غير متجانس وبسطح خشن يفتقد للجمالية والسلامة

هذه الملاحظات التقنية تدفع إلى التساؤل الجوهري:
من يشرف فعلاً على مراقبة جودة الأشغال العمومية في هذا المشروع ؟
هل تمت مطابقة المواد المستعملة مع كناش التحملات؟ وهل أجريت اختبارات الصلابة والمقاومة كما ينص على ذلك دفتر الشروط التقنية؟

هدم المعالم الحضرية دون رؤية واضحة

من بين أكثر ما أثار غضب الساكنة، هدم المرحاض العمومي الوحيد في حي جليز، الذي كان يخدم المارة والعمال والسياح. فبدل التفكير في تأهيله وتجهيزه، جرى إزالته بشكل نهائي، تاركًا فراغًا حضريًا غير مبرر.
كما تم تدمير النافورات العمومية التي كانت تساهم في تلطيف الجو الحار الذي يميز المدينة الحمراء، ليتم تعويضها بكتل خرسانية (béton désactivé) لا حياة فيها، لا وظيفية ولا جمالية.

بين غياب الرؤية وتهم الإهمال

التهيئة الحضرية ليست مجرد تغيير واجهات أو أرصفة، بل هي رؤية شمولية تحترم الإنسان والمكان والهوية. ما حدث في شارع محمد الخامس يعكس غياب التخطيط البصري والجمالي وانعدام التنسيق بين المصالح التقنية، إذ لا يمكن لمدينة عالمية مثل مراكش أن تسمح بتحويل أحد أهم شوارعها إلى فضاء عشوائي يفتقر لأبسط مبادئ التصميم الحضري.

المساءلة ضرورة لا خيار

اليوم، من حق المواطن المراكشي أن يتساءل :
من منح صفقة الأشغال ؟
هل تمت مراقبة التنفيذ من طرف مكتب دراسات أو مختبر معتمد ؟
أين دور مصلحة التعمير والتجهيز التابعة للجماعة، ومكتب الدراسات، ومكتب المراقبة؟
ولماذا هذا الصمت إزاء وضوح العيوب التقنية الظاهرة لكل عين ؟

خاتمة

إن شارع محمد الخامس لم يكن بحاجة إلى ” تهيئة شكلية ” ، بل إلى مشروع إعادة تأهيل حضري حقيقي يوازن بين التراث والجمال والوظيفة. ما نراه اليوم هو تشويه لمعالم المدينة، وإهدار محتمل للمال العام تحت غطاء ” التجديد ” .
مراكش تستحق أفضل من ذلك، وتستحق أن تُدار مشاريعها بشفافية ومسؤولية، لأن المدينة ليست ملكًا لأحد، بل إرث لكل الأجيال.