إدريس المغلشي
كثيرا هم من حذرونا من زواج السياسة بالمال من محللين متسمين بالرصانة والحياد . خطورة هذا الزواج كأنه متعة غير معلومة الزمن لكنها محسومة النتائج تبني اسسها على ارقام المعاملات وليس سنوات محددة لتطبيق البرامج ولا جدوى الشعارات. يشبه كلامهم إشهار التلفزة الذي لا يمت للواقع بصلة . مفارقة عجيبة وإفلاس كلي استطاع أن يورط حتى بعض فنانينا الذين لا يهمهم من الموضوع سوى أظرفة على حساب مبادئ واخلاق الفن . الكل منخرط في جوقة صاحب (الشكارة) الذي وضع الكل في صفه بواسطة طرق عديدة تسعى للإستقطاب ونهج سياسة العصا والجزرة من خلال إغراءات المال أو الإعفاء من المهام أو التهديد بالسجن وكلها آليات ساهمت في خنق دور المعارضة بكل تجلياتها وأصبحنا نعاين كثير من المطبلين الذين يخونهم الخطاب وتصدمهم الحقيقة والواقع .
داس بالحذاء على التعاقد وبناء الاستراتيجيات وحلت محله الصفقات. بل وصرنا نعاين كيف تفشل المشاريع برصيد مالي خيالي دون ان نجد جهازا واحدا للرقابة. مجرد قطعة شطرنج نستبدل بيادقها حسب المزاج ولا أحد يستطيع ان يفتح فمه بكلمة على الفوضى المنتشرة وهذا الهدر الفظيع لزمن التدبير والمال العام .
انحرف مسار التدبير السياسي وانقلب بشكل مفاجئ لخدمة أصحاب المال غير مهتمين بالمواطن ولا بالوطن .اصبحت الأحزاب السياسية ضيعات ملاكها قراصنة لايرحمون أحدا مسلحين باستقرار البلد على حساب أهواء ضيقة .راهنوا على صبر البعض فأمعنوا في إثقال كاهله بالمديونية .تدبير لاشك سيخلف وراءه كوارث لن نستطيع احصاء خسائرها وسيكون ثمنها مكلفا ستؤديه حتماالأجيال اللاحقة.من نزع كل جسور الوساطة بين المواطن والأحزاب . لانشك لحظة أن هذه الأخيرة استسلمت في صمت للمؤامرة من أجل تقسيم التركة لإتلاف ماتبقى من رصيد كان ثمنه غاليا. كل المؤشرات في ظل ماتفجر من حقائق وفضائح حول ثروات البعض التي يفوق رقمها الخيال في صمت وذهول غير مبرر لاتصريحاو لا تلميحا توحي اننا في زمن سياسي غابت عنه المساءلة .
وكمثال أخير فضيحة انفجرت كان بطلها أحد ممثلي حزب أخنوش القابع في السجن والذي وجه شكاية في موضوع يتهم فيه جهات نافذة بولاية بتلقي رشوة قيمتها ثمانية ملايين درهم مقابل فوز ثلاثة مرشحين .إن صح الخبر فتلك فضيحة مدوية وكارثة سياسية بكل ماتحمل الكلمة من معنى وسؤال محوري يفرض نفسه كيف سيحكمنا فراقشية لارصيد تاريخي لهم ابرموا صفقات لاحتلال مناصب من اجل قتل السياسة ودفن ماتبقى منها تحت التراب وتشييعهاإلى مثواها الأخير .هل بمثل هذه النماذج سنحقق الثقة لدى المواطن ؟هل (بالشكارة والمال السايب )سنحقق الإقلاع المنشود لربح الرهانات والتحديات التي جاءت في خطاب العرش لصاحب الجلالة . والذي رد فيه بأسلوب واضح على عمل الحكومة كتقييم موضوعي وتنبيه مهم كون العدالة المجالية تفرض أن يتبنى المغرب سرعة واحدة لا سرعتين . تفضح التفاوت الصارخ بين فئتين ولا يقبل جلالته أن تحرم مناطق المجال القروي من عائدات هذا التطور.فهل الأحزاب مدركة لحساسية المرحلة ؟ إن الواقع المرير الذي نعاينه في كثير من المواقف يوضح اننا أمام تجاريعقدون صفقات لاساسة يدبرون مشاريع وطنية و أزمات ليجدوا لها حلولا للأسف الشديد .