آخر الأخبار

سعيد برادة وزير “الفتن ما ظهر منها وما بطن”

في خرجة جديدة لا تقلّ استفزازاً عن سابقاتها، خرج برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة بتصريح يطلب فيه من الأسر تهريب أبنائها من المدارس العمومية القروية وتسجيلهم في المدارس الرائدة، وكأن الحل العبقري لإصلاح التعليم هو الهروب منه والتوجه نحو المدارس الرائدة .هذا الخطاب اللامسوؤل لمسؤول على قطاع التربية ليس مجرد رأي عابر، بل دليل صارخ على انفصال جزء من المدبرين عن واقع المدرسة المغربية، وخصوصاً المدرسة القروية التي يساهم إهمال السياسات العمومية التربوية في سحقها سنة بعد أخرى.
إن تصريح الوزير يحمل في طياته مجموعة من الفتن فتصريحه يعطي انطباعا واضحا أن التلميذ القروي، في نظر المسؤول عن الوزارة وبعض زبانيته ، مطالب بأن يقطع 30 دقيقة أو ساعة يومياً كي يحظى بتعليم جيد، بينما يبقى حقّه في مدرسة مجاورة رفاهية. بل يشير أيضا الى الاسر التي أصبح من الضروري البحث عن مدارس جيدة وذات جودة عبر البحث عن وسائل النقل وان المدراس القريبة لا توجد بها جودة دون مراعاة الكلفة الاقتصادية التي تعيشها الاسرة القروية .الا يعلم الوزير المبجل أن النقل المدرسي غير كاف و لا يحترم المعايير المطلوبة ؟ وان حافلات النقل تنقل اكثر من طاقتها الاستيعابية وهل يعلم ان الطرق غير معبدة للوصول الى المؤسسة ؟
وهل يعقل أن نحمل الاسرة وابناءها فشل الدولة في توفير مدرسة محترمة في دوّاره؟ وهل التلميذ هو المشكل أم غياب رؤية إصلاحية شجاعة؟.

إن الفتنة الثانية التي يشعلها الوزير هي أن مدراس الريادة يوجد بها احسن الأساتذة فهو عمليا يقر بان أساتذة المدارس غير الرائدة اقل قيمة في إشارة واضحة لإهانة رجال ونساء التعلم في المدراس غير الرائدة بل رجال ونساء التعليم بصفة عامة وهذا تجنٍّ فجّ على فئة تشتغل في ظروف لا يجرؤ برادة نفسه على تحملها يوماً واحداً .فالأساتذة في العالم القروي لا ينقصهم الضمير بل ينقصهم الاشتغال في أقسام تحفظ كرامتهم قبل انسانيتهم الأساتذة في العالم القروي شمعة تضيء وسط الجهل والظلام .لماذا لم يكلف الوزير المبجل عناء طرح الأسئلة التالية :
من المسؤول عن وجود الأقسام المشتركة بالعالم القروي؟ من المسؤول عن وجود اقسام من البناء المفكك التي تؤثر على صحة الأستاذ وصحة التلاميذ ؟
من المسؤول عن غياب بنية تحتية بالمدارس القروية ؟
من المسؤول عن غياب الطرق المعبدة لوصول الاساتذة إلى المؤسسة ؟
من المسؤول عن الاكتظاظ الموجود في الأقسام ؟
ومن حوّل المدارس القروية إلى فصول “النجاة بأقل الخسائر”؟

فبدل تقديم حلول يفضّل برادة أن يقدّم للأسر وصفة سحرية وهي تحويل التلاميذ الى المدرس الرائدة . لا أحد ينكر أن مدارس الريادة تجربة تحمل جوانب إيجابية لكن ليست المنقذ من الظلال وليست طوق نجاة .وفي تحليل لخطاب الوزير يقر بشيء واحد ان المدارس غيرالرائدة غارقة في المشاكل وان نظامها التربوي فاشل .
ان التعليم لا يحتاج الى مدارس رائدة بقدر ما يحتاج الى بينات تحتية تراعي كرامة الأساتذة والعاملين بالقطاع ويحتاج الى فك الاكتظاظ بالأقسام بل القضاء على المفكك ان التعليم بالدولة المغربية يحتاج الى اصلاح شمولي لا يقبل التجزيء قبل أن يدعو برادة الأسر إلى الهروب نحو المدارس الرائدة، كان عليه أن يجيب بوضوح:
من يمنع تحويل كل المدارس إلى مؤسسات رائدة؟
ولماذا تُهمل القرى لعقود ويُطلب من ساكنتها التضحية من جديد؟
لما لا يتم تعميم مدارس الريادة في المدارس للخصوصية ان كانت فعلا تجربة ناجحة على حد الوزير المبجل وزبانيته.؟

التعليم لا يُصلح بزرع الفتن بين الأساتذة في المدارس الرائدة وغير الرادة وبين هياة الإدارة والتدبير وهياة التفتيش والمراقبة وليس بالتصريحات المستفزة ولا يصلح بتحمل الاسرة القروية عاتق الجودة بل ان التعليم يصلح بالمساءلة، وبالإصلاح الشامل الاعتراف بالمسؤولية لا التبرّؤ منها والهروب الى الامام وبالتكامل بين جميع مكونات المنظومة وليس زرع الفتن بينها و لا بالتدبير المركزي .التعليم يصلح باشراك الاسرة وليس تحملها نفقات الجودة والتعليم يصلح بإعطاء رجال التعليم مستحقاتهم خاصة في مدارس الرائدة .
إن تصريحات الوزير ليست مجرد هفوة، بل فتنة تهدد منظومة هشّة في الأصل. ومن موقعه، لا يحق له تقديم وصفات للهروب… بل عليه تقديم مشروع لإعادة بناء ما تهدّم. الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها يا وزير الفتن