في مشهد لا يحدث إلا في مدينة مراكش، الساحة التي لم يجفّ بعد إسفلتها ولم تذبل بعد أشجارها الصغيرة، وُضعت عليها اليوم الشريط الأحمر مجدداً، ولكن ليس للافتتاح هذه المرة… بل للإغلاق ! نعم، ساحة جديدة، لم يمر على تدشينها سوى شهر واحد، تدخل من جديد مرحلة “الصيانة”، وكأننا نتحدث عن ملعب خاض موسماً كاملاً من المباريات، وليس عن مساحة عمومية لم تعرف بعد وقع أقدام المارة !
المشهد يثير الدهشة والضحك معاً: عمال يحيطون الساحة بشريط أحمر، سيارات متوقفة بحذر، والمارة يتساءلون: “واش الساحة عيّات؟ ولا التصميم ما تحمّل الشمس ديال مراكش؟”
سؤال آخر أكثر إلحاحاً: من يحاسب على هذه المهزلة العمرانية ؟ ومن يدفع ثمن الصيانة لمشروع جديد ؟
الأموال العمومية تُصرف بسخاء على مشاريع “الواجهة”، تُلتقط الصور التذكارية يوم التدشين، تُنشر البيانات الرسمية، وتُعلّق اللافتات التي تشكر “المجلس الموقر” على مجهوداته… ثم بعد أسابيع فقط، نعود إلى نفس النقطة: أشغال جديدة، غبار جديد، وميزانية جديدة !
أليس من المفروض أن تُراقب الجودة قبل القصّ الرسمي للشريط؟ أم أن سياسة “نُدشّن اليوم، نُصلح غداً” أصبحت قاعدة ثابتة في قاموس التسيير الجماعي ؟
وأين هي لجان المراقبة التقنية؟ ومكتب الدراسات الذي صادق على المشروع ؟ ومَن قرّر أن تُنجز الأشغال بسرعة البرق فقط لإرضاء الصورة الإعلامية ؟
الساحة الآن مغلقة، والمدينة مفتوحة على الأسئلة.
ساحة حديثة، لكن المنطق الذي يحكمها… قديم جداً.
فهل من رقيب ؟ أم أن المال العام سيبقى دائماً الضحية المفضلة في لعبة “الإصلاح بعد التدشين”
