وجهة فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الانسان، رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، جاء فيها : ” سبق لفرع المنارة مراكش، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن راسل بتاريخ 21 مارس 2022 إلى كل من السادة: رئيس الحكومة، وزير العدل، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وزير الإدماج الاجتماعي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، المدير العام للصندوق المهني المغربي للتقاعد CMIR، حول تشريد واستمرار معاناة عمال وأرامل ضحايا تعاونية الحليب الجيد بمراكش، وعدم تنفيذ أحكام قضائية صادرة عن المحكمة التجارية بمراكش.
ونظرا لاستمرار معاناة المشمولين بالحكم القضائي وذوي حقوق المتوفين منهم، وأمام تجاهل السلطات المختصة بمعالجة الملف الذي عمر طويلا، وعجز هذه الأخيرة عن احترام سلطة القانون وإعمال قواعد العدل والانصاف ووضع حد لاستغلال النفوذ والاستقواء بالانتساب الحزبي والمناصب في الأجهزة المنتخبة سواء الحزبي او النيابي. وأمام رفع شعارات الحماية الاجتماعية من طرف الحكومة:
فإننا في الجمعية المغربية نعيد التأكيد عبر رسالتنا هذه على ضرورة فتح ملف تعاونية الحليب الجيد بمراكش في كل جوانبه التسييرية والتدبيرية ومآسيه الاجتماعية.
السيد رئيس الحكومة:
توصلنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش بشكاية مشفوعة بطلب مؤازرة من جمعية التضامن للمتقاعدين للتعاونية الفلاحية” الحليب الجيد بمراكش”، وشركة “بيست ميلك “، نيابة عن المتقاعدين وأرامل وأيتام المتوفين منهم، تعرض الشكاية حرمان ما يفوق 1000 متقاعدا وأسر المتوفين منهم وذوي الحقوق من مستحقات التقاعد والحماية الإجتماعية رغم الاقتطاعات التي كانت تتم من أجورهم طيلة مدة العمل الطويلة إلى حين تشريدهم والتسبب في مآسي إجتماعية لهم ولأسرهم.
ومعلوم أن ملف تعاونية الحليب الجيد بمراكش مر على تفجره ما يفوق 15سنة، حيث أن التعاونية كانت تشغل حوالي المئات من العمال إضافة لمتعاقدين مع التعاونية من الفلاحين مزوديها بمادة الحليب. وكانت التعاونية من أكبر التعاونيات على الصعيد الوطني، وكانت تستفيد من الدعم العمومي من المال العام من خلال شراء الأعلاف بمئات الاطنان سنويا وإستيرادها من تركيا خاصة، وإعادة بيعها للفلاحين مع إضافة فائض ربحي لا يقل عن 30% للطن الواحد، وشراء الأبقار القادمة خاصة من ألمانيا وفرنسا مع اعفائها من الرسوم الجمركية، كما أنها كانت تستفيد من دعم الدولة بخصوص مسحوق الحليب واعفائها من الضرائب المختلفة عند استيراد الآليات والمعدات اضافة الى تلقي دعم مادي سخي من مختلف مصالح وزارة الفلاحة خاصة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالحوز.
ورغم الدعم الحكومي من المال العام، والإعفاءات الجمركية ومن الضرائب ، فإن التعاونية حسب رئيس مجلسها الإداري الذي أصبح الآن يتمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي كبير باعتباره نائبا برلمانيا ورئيس لغرفة الفلاحة بمراكش والغرف الفلاحية على الصعيد الوطني وصاحب المئات من الهكتارات الفلاحية بأكفاي وايت ايمور والحوز حيث ضيعاته الفلاحية تستنزف الفرشة المائية دون حسيب ولارقيب بل ربما دون الحصول على التراخيص المتعلقة بحفر الآبار وجلب الماء، رغم كل هذا تهاوت التعاونية نحو الأزمة والإفلاس، والواقع أن سوء التسيير والتدبير وغياب الشفافية والنزاهة والغش في مادة الحليب، والنفخ في المصاريف والتعويضات االمبالغ فيها كلها عوامل قادت التعاونية نحوالأزمة المفتعلة.
ونسجل أن أخطر ممارسة أشكال الفساد المالي والإداري عدم تسوية مستحقات العمال إتجاه نظام التقاعد التكميلي بالصندوق المهني المغربي للتقاعد رغم الإقتطاعات من أجور العمال التي كانت تباشرها إدارة التعاونية الفلاحية الحليب الجيد والمشرف عليها رئيس المجلس الإداري قبل أن تفوت إلى شركة
” بيست ميلك” التي التزمت بتسوية جميع مستحقات العمال وضمنها بالطبع مستحقات التقاعد التكميلي بل أصدرت بتاريخ 04 يونيو 2011 قرارا تدعي فيه أنها شرعت في تسديد مستحقات الصندوق المهني للتقاعد التي كانت عالقة في ذمة التعاونية الفلاحية “الحليب الجيد بمراكش” من سنة 2001 إلى غاية 2007 وذلك عن طريق أقساط شهرية بداية من نونبر 2010 وزعمت أن قرارها هذا سيكون مرفقا بجولة الاقتطاعات الشهرية ونوعية العملية إلى غاية أبريل 2011.
ونسجل أن التسويف والتماطل في عدم تسوية مستحقات العمال والتسوية اتجاه الصندوق المهني المغربي للتقاعد، كان محط عدة أحكام قضائية من طرف محكمة الاستئناف التجارية بمراكش، منها القرار رقم 2035 الصادر بتاريخ 21 دجنبر 2016 القاضي بأداء شركة “بيست ميلك” كل مستحقات الصندوق المهني المغربي للتقاعد.
كما أن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش سبق لها بناء على طلب تقدم به القاضي المنتدب بذات المحكمة بتاريخ 15 يناير 2012 يعرض فيه التسوية القضائية التي فتحت في حق شركة “بيست ملك” بمقتضى حكم صادر في فبراير 2014، وبناء على ملتمس تقدمت به جمعية التضامن لمتقاعدي تعاونية الحليب الجيد، حيث أصدرت محكمة الإستئناف التجارية بمراكش حكما يقضي بأداء شركة “بيست ميلك” مبلغ 22443332,2 درهم من أجل أداء مستحقات دين الصندوق المغربي للتقاعد كما تم حصره من طرف تقرير السنديك، وهو مبلغ المستحقات المقتطعة من أجور العمال لفائدة هذه المؤسسة.
وحيث أن حرمان عدد كبير من العمال من مستحقاتهم في المعاش، نتيجة تلاعب المدير العام للتعاونية الفلاحية بمراكش بالاقتطاعات وعدم التسوية؛
وحيث أن شركة بيست ميلك التزمت بتأدية متؤخرات التعاونية؛
وحيث أن رئيس المجلس الإداري للتعاونية ضمن الاستمرارية في التسيير والتدبير وهو المسؤول عن هذه الكارثة الإجتماعية التي ترقى للانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان بفعل التواثر والتكرار وعدد الضحايا، وانتهاك حرمة كل القوانين والاعتراف والقيم الإنسانية النبيلة؛
وحيث أن إفلاس التعاونية الفلاحية بمراكش كان نتيجة لسوء التسيير والتدبير وهدر المال العام والغش والتصرف في اقتطاعات العمال خارج الشرعية والمشروعية التي يجب أن تربط بين العامل والمشغل؛
وحيث أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تعتبر بلادنا طرفا فيه منذ 1979 ينص في الكثير من فصوله على الحماية الاجتماعية والحق في المعاش؛
وحيث أن القضاء التجاري أصدر أحكاما تفيد التسوية على الأقل لفائدة الصندوق المهني المغربي للتقاعد؛
وحيث أن شركة بيست ميلك لم تنفذ قرارها المزعوم بالتسوية؛
فإننا في الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع المنارة مراكش، نعتبر:
ما طال وما يعانيه متقاعدي وأرامل وأيتام المتوفين منهم الى اليوم، مأساة إنسانية وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وخاصة لما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة الى انتهاك كل ما يتصل بمدونة الشغل والنظم المعمول بها في مجال التغطية الإجتماعية والحق في التقاعد؛
وبناء عليه نطالبكم السيد رئيس الحكومة بحكم مسؤولياتكم الحكومية في تسيير وتدبير الشأن العام وتنفيذ السياسات العمومية وتنسيقها، بالتدخل الفوري والعاجل من أجل تمتيع الضحايا بحقوقهم كاملة وذلك ب:
-بإعادة فتح ملف تعاونية الحليب الجيد بمراكش، عبر فتح تحقيق قضائي لتحديد الأسباب الحقيقية للافلاسها وترتيب الجزاءات القانونية الضرورية حرصا على قاعدة عدم الافلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن احتمال هدر وتبدير وعدم صرف المال العام في الاتجاه المخصص لها لخدمة الصالح العام وضمان الحقوق؛
– العمل على تنفيذ الحكم القضائي الإستئنافي للمحكمة التجارية بمراكش القاضي بدفع كل المستحقات للصندوق المهني المغربي للتقاعد لتسوية الوضعية المالية للتقاعد التكميلي للعمال ؛
– جبر ضرر الضحايا من المتقاعدين الأحياء منهم وذوي حقوق المتوفين منهم، عبر تعويضهم عن الأضرار نظير ما لحقهم من انتهاكات إجتماعية واقتصادية بليغة قوضت حقوقهم ورمت بهم للتهميش والفقر والحاجة والتشرد؛
– إعادة فتح تحقيق قضائي وترتيب الجزاءات القانونية الضرورية حول ما تسببت فيه تعاونية الحليب الجيد بمراكش من سوء تسيير وتدبير وهدر للمال العام والتصرف اللامشروع في الاقتطاعات من أجور العمال دون وضعها في الصندوق المخصص لها باعتبارها مساهمات لتأمين معاش بعد طول مدة من العمل والعطاء؛
– العمل على تقوية المراقبة القبلية على الأداءات والاقتطاعات لكافة الصناديق الإجتماعية لتفادي الحرمان من خدماته في مرحلة التقاعد الذي يبقى حق مكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان؛
– وضع حد لاستغلال النفوذ والصفة السياسية والتمثيلية وللاستهتار بالقانون وسلطانه، والعمل على احترام القاعدة الدستورية التي تنص على مبدأ المساواة أمام القانون؛
وفي الأخير نلتمس منكم السيد رئيس الحكومة التعجيل بالتدخل لضمان أبسط شروط العيش الكريم والحماية الاجتماعية لمواطنات ومواطنين واحترام حقوقهم العادلة والمشروعة، ووقف كافة أشكال استغلال النفوذ وكل توظيف للصفة الإدارية أو التمثيلية للإخلال بالقانون أو تحصيل منفعة شخصية أو تطاول على حقوق الإنسان وانتهاكها؛
وفي انتظار اتخاذ المتعين تفضلوا السيد رئيس الحكومة، بقبول خالص مشاعرنا الصادقة.