أعلن عامل إقليم آسفي عن إحداث اللجنة التقنية الإقليمية للتنمية المندمجة، وُصفت من قبل متابعين للشأن العام بكونها تصحيحًا هادئًا لمسار تدبير المشاريع الجهوية، بعد تواتر انتقادات واتهامات لرئيس جهة مراكش آسفي، سمير كودار، عن حزب الأصالة والمعاصرة بتوجيه بوصلة الاستثمار نحو جماعات محسوبة على حزبه، مقابل إقصاء جماعات أخرى ظلّ رؤساؤها يشتكون من التهميش والانتقائية.
وبحسب مصادر متطابقة، لم يأت هذا القرار من فراغ، إذ جاء بعد تراكم ملاحظات حول غياب العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات الجهوية، خاصة أن عددًا من رؤساء الجماعات – من بينهم عبد الكبير بومعاز ومبارك الفارسي – أعربوا، في مناسبات مختلفة، عن تذمرهم من تعاطٍ “غير متوازن” يحرم جماعاتهم من نصيبها في المشاريع رغم تقدّم ملفاتها التقنية واستجابتها لمعايير جاهزية التنفيذ.
وتشير هذه المصادر إلى أن حالة الاستياء داخل بعض الجماعات بلغت مستويات دفعت عدداً من الفاعلين المحليين إلى رفع شكايات وتنبيهات للجهات الوصية، مطالبين بإعادة النظر في منهجية تدبير المشاريع الجهوية وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص.
وتضم اللجنة الجديدة في تركيبتها منتخبين ورؤساء جماعات وممثلي المصالح الخارجية، وستعمل على توحيد الرؤى التنموية وضمان الالتقائية بين المشاريع والمبادرات داخل الإقليم، من خلال تعزيز التنسيق والتشاور في اتخاذ القرار، في مواجهة المقاربة الانفرادية التي كانت تعيق تنفيذ عدد من البرامج، سواء على مستوى التمويل أو الجدولة الزمنية أو تحديد الأولويات.
وفي هذا السياق، أفاد مصدر من داخل العمالة أن الهدف من إحداث هذه الآلية هو خلق تكامل بين الديناميات التنموية المحلية والإقليمية، بما يضمن توجيه الاستثمارات نحو المشاريع ذات الأثر المباشر على السكان، وتجنيب الإقليم أي تداخل أو تضارب بين التدخلات قد يؤدي إلى بطء المسار التنموي أو عدم استكمال بعض المشاريع.
وأضاف المصدر أن اللجنة ستعمل كذلك على تتبع تنفيذ المشاريع وضمان احترام المساطر ومراعاة معايير الاستحقاق على أساس الحاجيات الفعلية لكل جماعة، بما يعيد الثقة بين مختلف الفاعلين ويعزز مناخ الشراكة بين الجماعات الترابية والمؤسسات الجهوية.
غير أنّ توقيت الإعلان عن هذه الخطوة أثار جدلاً في الأوساط السياسية والمنتخبة، إذ يرى مهتمون للسأن العام أن القرار يحمل رسالة سياسية غير مباشرة إلى رئيس الجهة مفادها أن التنمية الترابية لا يمكن أن تخضع لمنطق الولاءات الحزبية أو الحسابات الضيقة، في مقابل ضرورة اعتماد رؤية تشاركية تضمن الإنصاف والمساواة بين مختلف الجماعات.
ويرى آخرون أن إحداث هذه اللجنة من شأنها أن تشكل بداية تصحيح لمسار تدبير الشأن التنموي بالإقليم، خاصة إذا أفضت إلى ترسيخ الشفافية وتوسيع دائرة التشاور، بما يكفل توزيعاً عادلاً للمشاريع ويحد من أي تحكم في قرارات الاستثمار العمومي.
 
 