آخر الأخبار

رحل الكناوي الأصيل ” باقبو”، بوب مارلي المغرب

إدريس الأندلسي

كان مسكونا بالإيقاع الكناوي حتى النخاع، كما كان أبوه المعلم الذي غرس في تربة مراكش الفن الكناوي. قد يربط البعض ذلك الرقص الجميل على إيقاع الطبل الكبير و القراقب أو ما يسميه المراكشيون ” القراقش”، ولكن الفن الكناوي له أبعاد كثيرة و متنوعة، و مرتبطة بتاريخ جذوره في أفريقيا جنوب الصحراء، و أغصانه ممتدة حتى شواطئ شمال المغرب. تغنى أهل الملحون بالفن الكناوي كموضوع يصف عشق ” مملوك ” لهيفاء خدها لم تلمسه تلك التشوهات التي تعرض لها خده من جراء معاملة قاسية. تأوه ذلك الذي حمل الفن الكناوي كثيرا بالمعاناة، و حضرت في الكلام المغنى معاني تربط المعاناة بمفاهيم ” ماورائية” ، و بأسماء تتعلق ” بالملوك” ( بالسكون على الميم) ، و ببساطة في التعبير، و بالآهات النابعة من صراخ ضد عبودية و إستغلال.
عرفت المعلم مصطفى باقبو حين إنضم إلى مجموعة ” نجوم الحمراء ” التي اسسها الإخوة ” الشاديمي” في حي الزاوية. العباسية سنة 1975. أتذكر كيف بعثت لهذه المجموعة بكلمات على بطاقة بريدية سنة 1979. بدأت كتابة التحيات، و زدت ” اهديكم هذه الكلمات دون أن تكون موجودة في ذهني. و جادت القريحة بما حضر و أنا أشاهد هلال أمام نافذتي بالحي الجامعي بمدينة بوردو الفرنسية ” و كانت اللازمة “الهلال راشف لعطور…لعلام واقف فالسور…ليام هاذي تدور…عمر لقفاز…ما كانت للنسور ” . و بعض أسابيع وصلني شريط يضم هذه الكلمات، و كانت من تلحين باقبو بأسلوبه الفني الكناوي الممتاز و الأصيل.
كان وصوله إلى جيل جيلالة نقطة مضيئة في مسيرة هذه المجموعة المبدعة. ظهرت بصمته على الأداء في كثير من أغاني حملتها أصوات محمد الدرهم، و عبد الكريم القصبجي و الراحل مولاي الطاهر الاصبهاني، و المبدع مولاي عبد العزيز الطاهري و العازف المتمكن الراحل حسن. وصل مستوى أداء الراحل إلى العالمية حيث وقف في كبريات المهرجانات العالمية إلى جانب كبار فناني الجاز و البلوز. رحل الكناوي المعلم لكنه ترك الخلف، و ساهم، كما ساهم آخرون، في زرع هذا الفن في تربة لن ينتزع منها أبدا. غرس اقطاب الفن الكناوي كثيرا من الأوزان، و الكلمات، و الصور الشعرية، و طقوسا منها ما يرجع إلى قرون مضت. و لا زال رواد هذا الفن يبدعون و يؤثرون في بنية الأغنية المغربية. من منا لا تطربه آخر ما تغنى به عبد الهادي بلخياط من ألحان مولاي العلوي بإيقاعات كناوية تصور حيرة إنسان أمام ” البوهالي بو دربالة”.