آخر الأخبار

ذكرى عيد الاستقلال : شساعة البون بين الوطنية و ادعائها

عبد الرزاق الحيحي 

إيــه أمّــة المـغـرب *** *** إيـه دولة المـغـرب
إن نعش عشنا كراما *** *** أو نمت متنا كراما
هـمـنا نهدي الأنـامـا *** *** همنا نرجو السّلاما
في سـما العلياء كـنّـا *** *** أنـجـمـا زهـرا
و على العهد بـلغـنـا *** *** الـبرّ والبـحـرا
يا بني المغرب سيروا *** *** لا تكونوا غافلينا
جدّدوا عهدا عظيما *** *** لجدود غابرينا
أنقدونا من حياة *** *** الفقر والجهل
ما عهدنا العرب ترضى *** *** عيشة الذّلّ
نحن شبان سعينا *** *** باجتهاد و ثبات
ليس فينا غير ليث *** *** رام عزّا في الحياة
قد لبسنا مذ عقلنا *** ***حلة الفخر
و حملنا مذ نهضنا *** *** راية النصر
جددوا العهد القديما *** *** ذلك العهد المجيد
و اسلكوا النهج القويما *** *** و اتبعوا الرأي السديد
دولة المغرب دومي *** *** نحن أهلك
سوف تحييك دمانا *** *** و بالروح نفديك

تغنينا بهذا النشيد ونحن أطفال صغار، في وقت كانوا يلقوننا الوطنية ويمهدون الطريق للاستحواذ على الوطن وخيراته. كنا نردد هذا النشيد ونحن نتسابق من أجل الظفر بأكبر عدد من صور الملك محمد الخامس رحمه الله الصغيرة الحجم والمستديرة الشكل التي كانت تلقى عبر نافذة الطائرة التي كانت تقودها الشهيدة ثريا الشاوي رحمها الله بساحة المشور السعيد بالرباط، على بعد أمتار قليلة من القصر الملكي. صدقناهم حينما أخبرونا أن محمد الخامس كان يظهر بالقمر، فكنا نطيل التحديق بتلك الصور، ثم نرفع أعيننا عسى أن نشاهده، والمحظوظ بيننا من كان يقسم لنا أنه شاهده بالفعل بعد إطالة التحديق بصورته، فنصدقه هو الآخر دون مجادلته من منطلق أن المواطنين (كانوا نية) كما يقال، فصدقوا كتائب حزب الاستقلال التي كانت تتجول، والبعض منهم معه جريدة العلم، فتلتف حولهم مجموعات، فيسردون محتوى الجريدة ويبلغون المتحلقين توصيات الزعيم علال الفاسي، بضرورة مقاومة ما تبقى من المستعمرين للاستفادة من عائدات الفوسفاط بمقدار 10 دراهم للفرد دون البحث عن عمل، وما أدراك ما 10 دراهم في تلك الفترة. نال المغرب استقلاله، فتبخرت الأحلام والوعود، وتحول المبلغ من 10 دراهم إلى صفر درهم، بل وما عدنا نعلم لا بقدر عائدات الفوسفاط، ولا بعائدات ثروات أخرى ثمينة لا نعلم بمصيرها إلا عبر مواقع إلكترونية متخصصة.
لقد كنت شخصيا ضمن راجمي السيارة المحترقة للمدعو “البغدادي” الذي اتهم بالخيانة ورمي بها بحفرة على مقربة من الباب الرئيسي للقصر الملكي، وبدأ المواطنون يرجمونها. فكانت إحدى جداتي رحمها الله تحملني فوق كتفيها وتمدني بالحجارة وتلقنني جملة (آلبغدادي شفتي الماندة وما شفتي هادي).
لقد حان الأوان لتلقين المسؤولين بمختلف رتبهم ومكانتهم معنى الوطنية والتفريق بينها وبين ادعائها بنية الاستحواذ على خيرات الوطن، وهي ملك للوطن والمواطنين ولا يحق الاستئثار بها. ولا بأس بالتذكير بعدم الوثوق من كلام السياسيين ومن وعودهم التي ليست سوى (وعود عرقوب)، وأن ما يمارس اليوم على الشعب أشد وقاحة وخبثا مما مورس عليه خلال عقود خلت كان المواطن خلالها تحيط به النيران من كل جانب فلا يقوى حتى على الاستغاثة.