آخر الأخبار

دور الصفيح… جرح مفتوح رغم مليارات “البرامج الحكومية”

على أطراف المدن، ما تزال بقايا دور الصفيح شاهدة على فشل مشروع الدولة في القضاء على هذا العار الحضري، رغم الشعارات البراقة التي رُفعت منذ عقدين تحت لافتة “مدن بدون صفيح”. هذه الأحياء لم تنبت من فراغ، بل هي ثمرة نزوح قروي قسري نحو المدن، بعد أن ضاقت الأرض على أهلها بسبب البطالة والجفاف وغلاء العقار. فكانت “البراكة” حلاً مؤقتًا تحوّل بمرور الزمن إلى واقع دائم، يسكنه آلاف المواطنين بين جدران قصديرية تختزل كل معاني الهشاشة: ضيق، عطش، ظلام، فقر وتهميش.

الدولة أعلنت سنة 2004 برنامجها الطموح للقضاء على هذه الأحياء، متباهية بأرقام ضخمة: أكثر من 400 ألف أسرة مستفيدة، 1741 حيًا صفيحيًا مشمولًا، وميزانية تجاوزت 32 مليار درهم. أرقام براقة على الورق، لكنها في الميدان لم تفعل سوى أن فتحت جرحًا جديدًا: الاستفادة لم تكن مجانية، بل مشروطة بأداء مبالغ تتراوح بين 40 و60 ألف درهم، وكأن الفقراء المدقعين ادّخروا الملايين في خزائن سرية!

الحقيقة أن برنامج “مدن بدون صفيح” لم يكن سوى تسويق سياسي لمعضلة اجتماعية عميقة. نعم، انتقلت بعض الأسر إلى شقق أو بقع مجهزة، لكن آلاف الحالات ما تزال حبيسة البراكات، لأن الحكومة تعاملت مع الفقر كـ”زبون” عليه أن يساهم لشراء خروجه من العتمة.

لن ينتهي زمن الصفيح بالأرقام والشعارات ولا بتعليق لافتات الإنجاز في مداخل المدن. الحل الحقيقي يمر عبر مقاربة جريئة، تضع نصب عينيها الفئة الأكثر هشاشة، بتصور تمويلي واقعي، بدل الاكتفاء بإلقاء عبء إضافي على من لا يملك حتى ثمن الخبز اليومي.

حتى إشعار آخر، سيظل الصفيح عنوانًا للفقر المزمن وعنوانًا لفشل السياسات العمومية في فهم أبسط معادلة: أن الفقير لا يملك ثمن خروجه من البؤس.