طالبت العشرات من جمعيات المجتمع المدني، النشيطة بمدينة اسفي بفتح تحقيق نزيه وشفاف في ما بات يُعرف بـ”فضيحة الدعم الجمعوي”، التي هزّت المجلس الجماعي للمدينة وأعادت إلى الواجهة أسئلة مشروعة حول تدبير المال العام وشفافية توزيع المنح العمومية.
فقد كشفت مصادر من داخل المجلس أن عملية انتقاء الجمعيات المستفيدة من الدعم تمت بشكل انفرادي من طرف رئيس المجلس، إلياس البداوي، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، دون المرور عبر اللجنة المختصة أو احترام المساطر القانونية المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات.
وأكدت ذات المصادر أن أكثر من 21 جمعية ثقافية كانت قد وضعت ملفاتها للاستفادة من الدعم، غير أن اللجنة لم تطلع على أي من تلك الملفات، بعدما تم تمرير اللائحة النهائية بشكل مباشر من مكتب الرئيس.
رئيس اللجنة المكلفة بالدعم، محمد الكاوي، أكد في تصريح صحفي أن اللجنة “أقصيت تمامًا من مسار الانتقاء”، مشيرًا إلى أن ما حدث “يستدعي تدخلاً عاجلًا من سلطات المراقبة الإدارية وفتح تحقيق جدي لتحديد المسؤوليات”.
وبينما حاول الرئيس البداوي التنصل من المسؤولية، محمّلاً المكتب المسير تبعات القرار، نفى أعضاء من المكتب علمهم المسبق بالعملية، ووصفوها بـ“الانحراف الخطير عن مبادئ الحكامة الجيدة” و“تجسيد واضح للزبونية والمحسوبية”.
ورغم هذا السجال، صادق أغلب أعضاء المجلس خلال دورة أكتوبر العادية المنعقدة يوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 على منح الدعم دون اعتراض، وهو ما اعتبره متتبعون “مؤشراً على تواطؤ صامت وصورة قاتمة عن الممارسة السياسية داخل الجماعة”.
الهيئة الاستشارية للمجلس لم تسلم بدورها من الإقصاء، إذ عبّر رئيسها، الدكتور عبد الكبير اجميعي، عن صدمته من تهميش الهيئة، مؤكداً أن “ما وقع يُفرغ مبدأ المشاركة المواطنة من محتواه ويضرب في الصميم روح الديمقراطية التشاركية”.
وتفيد معطيات إضافية أن بعض الجمعيات المستفيدة لم تعقد جموعها العامة منذ سنوات ولا تتوفر على تقارير مالية قانونية، في حين يُتهم بعضها بخدمة أجندات انتخابية ضيقة تحت غطاء العمل الجمعوي.
كل هذه المؤشرات، وفق فعاليات مدنية وحقوقية، تفرض على وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات فتح تحقيق عاجل في كيفية صرف الدعم وتحديد الجهات المتورطة في خرق القانون وتبديد المال العام، حمايةً لسمعة المؤسسات التمثيلية وضمانًا لتكافؤ الفرص بين الجمعيات المواطِنة..