آخر الأخبار

خروقات حنيش لا تأتي فرادى

في الوقت الذي شدد فيه الخطاب الملكي السامي غير ما مرة على ضرورة القطع مع منطق المغرب بسرعتين، وعلى أن القانون يجب أن يُطبَّق على الجميع دون استثناء، تتواصل بمدينة مراكش ممارسات تعميرية تطرح أكثر من علامة استفهام، وتُعيد إلى الواجهة سؤال المحاسبة وربط المسؤولية بها، خاصة حين يتعلق الأمر بمنتخبين نافذين يُشتبه في توظيفهم لمواقعهم من أجل خدمة مصالح ضيقة، في ضرب سافر لمبدأ تكافؤ الفرص واحترام القانون.

آخر هذه القضايا، والتي لا تقل خطورة عن سابقاتها، تتعلق برخصة وُصفت بغير القانونية، منحها نائب العمدة القوي الدكتور طارق حنيش، بطلها مشروع تحويل فران صغير لا تتجاوز مساحته 60 متراً مربعاً، مخصصاً بهذا الغرض حصرياً وفق تصميم التجزئة الخاص بإقامة فضاءات السعادة، إلى مقهى فخم ومخبزة عصرية، في خرق واضح لوثائق التعمير الجاري بها العمل.

رخص استثناء… رغم المنع

المعطيات المتوفرة تفيد بأن هذا التحويل تم في إطار ما يشبه رخصة استثناء مقنّعة، رغم أن رخص الاستثناء تم إيقافها رسمياً من طرف السلطات العليا منذ سنة 2018، بسبب انحرافها الخطير عن الأهداف التي أُحدثت من أجلها مع مطلع الألفية وبداية العهد الجديد، وتحولها إلى أداة للالتفاف على القانون وخدمة لوبيات بعينها.

لكن، وعلى ما يبدو، فإن منطق المنع لا يسري داخل ما يصفه متتبعون بـ“إقطاعية حنيش”، حيث لا تزال الاستثناءات تُوزَّع بسخاء، خارج أي منطق قانوني أو تخطيطي، وكأن المدينة تُدار بقواعد خاصة، لا تمت بصلة لخطاب الدولة ولا لتوجيهاتها.

من 60 متراً إلى 250 متراً!

الأخطر في هذا الملف، ليس فقط تغيير وجهة بناية صغيرة مخصصة كـفران، بل تجاوز ذلك إلى الترخيص باستغلال ما يفوق 250 متراً مربعاً من المساحات التابعة لاتحاد الملاك المشتركين، دون علمهم أو موافقتهم، ودون احترام المساطر المنصوص عليها في القانون 106.12 المتعلق بالملكية المشتركة، الذي يفرض إشراك الملاك وإخبارهم، بل والحصول على موافقتهم الصريحة في كل ما يتعلق بالأجزاء المشتركة.

مدبحة تعميرية… بلا محاسبة

ما جرى ليس مجرد خطأ إداري عابر، بل مدبحة تعميرية بكل المقاييس: تغيير تنطيق، استغلال غير قانوني للمساحات المشتركة، وضرب صارخ لوثائق التعمير، وكل ذلك تحت مظلة صمت مريب من الجهات المفترض فيها المراقبة والتدخل.

ويبقى السؤال الجوهري الذي يتردد اليوم في صالونات مراكش:
من يستطيع محاسبة نائب العمدة القوي؟
ولماذا تتراكم الخروقات دون أي مساءلة حقيقية، رغم جسامتها وتعددها؟

مرشح “فوق العدة”؟

تزداد خطورة هذه الممارسات حين نعلم أن المعني بالأمر يُقدَّم كمرشح “فوق العدة” للتربع على كرسي عمودية مراكش في الاستحقاقات القادمة. فهل يُعقل أن يُكافأ من يُشتبه في خرقه المتكرر لقانون التعمير بمناصب أعلى؟ وأي رسالة تُوجَّه للمواطن البسيط والمستثمر الصغير، حين يُطبَّق القانون بصرامة على البعض، ويُعلَّق على شماعة النفوذ بالنسبة للبعض الآخر؟

إلى متى؟

إن استمرار هذه الخروقات، في ظل غياب المحاسبة، لا يسيء فقط إلى المشهد العمراني للمدينة الحمراء، بل ينسف الثقة في المؤسسات، ويكرّس فعلياً منطق المغرب بسرعتين الذي حذّر منه جلالة الملك نصره الله.
حدث هذا في مغرب الحكم الداتي و القرار الأممي التاريخي2797 و مغرب المونديال…….

فهل تتحرك الجهات الوصية لفتح تحقيق جدي في هذه الملفات؟
أم أن خروقات حنيش ستظل، كما العادة، لا تأتي فرادى… ولا تُحاسَب؟