في عالمنا اليوم، يبدو أن الفجوة بين المواطن والمسؤول تزداد يومًا بعد يوم. ليس بسبب نقص القوانين أو قلة الموارد فقط، بل بسبب غياب الرجل الذي يعرف معنى القيادة الحقيقية، الرجل الذي يضع المصلحة العامة فوق أي اعتبار شخصي أو حزبي.
السياسيون كثيرون، لكن رجال الدولة الحقيقيون قليلون. الفرق بينهم واضح: الأول يتحدث، يبرر، يظهر في الإعلام، وربما ينجح في كسب بعض التصفيق المؤقت، لكنه يختفي عند اللحظة الحاسمة. أما الثاني، فهو من يقرر رغم صعوبة القرار، من يستمع قبل أن يتحدث، ومن يتحمل مسؤولية كل خطوة دون خوف أو تردد.
المواطن لم يعد يحتاج لشعارات متكررة أو صور في الجرائد، بل يحتاج إلى فعل حقيقي: قرارات واضحة، مؤسسات قوية، محاربة للفساد، وتواصل مستمر مع الناس. غياب هذه القيم يخلق فراغًا يُستغل، فتظهر الفوضى، وتتعثر المشاريع، ويشعر الناس أن الدولة بعيدة عن حياتهم اليومية.
رجل الدولة لا يخاف من الكفاءة، بل يحتضنها، لا يتسامح مع الظلم أو التجاوزات، ولا يضع الولاءات فوق القانون. هو من يعرف أن الثقة تُبنى بالعمل، لا بالكلمات، وأن أي محاولة لإدارة الدولة بلا قيادة حقيقية مصيرها الفشل.
اليوم أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الوطن إلى من يفكر بالآخر قبل نفسه، ويقرر بما يخدم الجميع، ويقف على الأرض، لا خلف المكاتب. لأن الأوطان لا تُبنى بالشعارات، بل بالرجال الذين يعرفون أن مسؤوليتهم لا تنتهي عند منصبهم، بل عند كل مواطن يثق بهم