آخر الأخبار

حين تتحول الجماعة إلى رهينة للصراعات الشخصية.

يبدو أن جماعة الصهريج بإقليم قلعة السراغنة اختارت ـ أو بالأحرى اختير لها ـ أن تعيش خارج قطار التنمية الذي دعا إليه جلالة الملك في خطبه ، وأكّده دستور المملكة والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية . السبب ليس شح الإمكانيات ولا ضعف الموارد، بل صراع سياسي عقيم بين رئيس المجلس وأعضاء المعارضة، صراع جعل التنمية في خبر كان، وأبقى المواطن في خانة “المتفرج المقهور”.

المشهد السياسي بجماعة الصهريج لا يختلف كثيرًا عن لعبة شدّ الحبل، حيث كل طرف يُصرّ على جرّ الخيط في اتجاهه، حتى وإن تمزق الحبل وسقط الجميع. الرئيس يتهم المعارضة بتعطيل المشاريع عبر رفض المصادقة على الميزانية، متحدثًا عن “عرقلة ممنهجة” لمسار التنمية من خلال خرجاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويعري خروقات الرؤساء السابقين بالجماعة . أما المعارضة، فترى في الرئيس “مبدد للمال العام” و”مقصيًا” لكل صوت مخالف انه يضرب المقاربة التشاركية عرض الحائط التي ما فتىء يدعو إليها صاحب الجلالة ودستور المملكة في فصله الأول ؛ بل تؤكد أنها لا تعارض الأشخاص بقدر ما تعارض الأسلوب في التدبير. من خلال خرجاتها الصحفية او من خلال اجتماعات المجلس الجماعي .
بيدا أن النتيجة، وبعيدًا عن تبادل الاتهامات، مشاريع متوقفة، ميزانية معلقة، خدمات أساسية غائبة، وأفق تنموي مسدود مركز حضري العتمة شعاره حيث عدة حوادث للسي وقعت بسبب غياب الانارة دواوير تعيش الهشاشة، شباب عاطل… . وهلم جر أمام هذا الوضع يبقى السؤال مطروحًا بحدة: من يمثل هؤلاء المنتخبون في نهاية المطاف؟ هل يمثلون أنفسهم وأجنداتهم، أم يمثلون ساكنة وضعت ثقتها فيهم لتغيير واقعها؟
خطاب العرش لسنة 2017 كان واضحًا حين شدد على أن مصلحة المواطن يجب أن تكون فوق كل اعتبار، يقول صاحب الجلالة :” ، فإن العامل والقائد، والمدير والموظف، والمسؤول الجماعي وغيرهم، مطالبون بالعمل، …… أو أكثر، وبروح المسؤولية وبطريقة تشرف الإدارة، وتعطي نتائج ملموسة، لأنهم مؤتمنون على مصالح الناس.”
وأن المؤسسات المنتخبة وُجدت لتخدم الناس لا لتعطّل حياتهم. يقول محمد السادس :” ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. ” لكن يبدو أن الرسالة لم تصل إلى مسامع بعض من تسللوا إلى المجلس الجماعي ، أو ربما وصلت وتم تجاهلها عمدًا أمام إغراء الحسابات السياسية الضيقة. او ربما ان المجلس الجماعي أصبح يشتغل خارج تعليمات المؤسسة الملكية و بل و خارج الدستور.
ما يحدث في الصهريج ليس مجرد “تباين في وجهات النظر”، بل هو تعطيل ممنهج للتنمية، وتشويه لصورة المؤسسة المنتخبة، وضرب لثقة المواطن في الفعل السياسي محليا .ألا يخجل المترشح وهو يتجول وسط ترابه ويرى واقع المواطن الذي لا حول ولا قوة له؟ فمثلا كيف يعقل لسيارة نقل الأموات تحتاج لمحسن لتشغليها عبر شراء بطارية حسب ما هو متدول عبر وسائل التواصل الاجتماعي ؛ ألا يذكر المنتخب الجماعي بجماعة الصهريج بأنه خان الأمانة عندما وضع فيه المواطن الثقة؟ فبدل ان يترافع جميع أعضاء المجلس عن مشاريع تنموية تخدم الجماعة تجدهم يتهافتون عن التعويضات ؛أليس في المجلس رجل حكيم ؟يدعو إلى رأب الصدع والتفكير جديا في المواطن المغلوب على امره والانصات له ؛ ان المسؤولية والوطنية تقتضي التفكير في حاجة المواطن يقول صاحب الجلالة :” إن مسؤولية وشرف خدمة المواطن، تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة، إلى إنجاز المشاريع، صغيرة كانت، أو متوسطة، أو كبرى”
إن القوانيين التنظيمية للجماعات الترابية أعطت امل كبير للفاعل الترابي من اجل وضع قطار التنمية على السكة الصحيحة داخل بالجماعات فهل قام أعضاء المجلس بقراءة فاحصة للقانون واخص بالذكر الاختصاصات الذاتية للجماعة الترابية ؟
إن هذه الأزمة الخانقة هي أزمة تكشف أن الديمقراطية المحلية ليست فقط صناديق اقتراع، بل وعي بالمسؤولية، وقدرة على الحوار، واستعداد للتنازل من أجل الصالح العام. بل أن الديمقراطية لا تصلح لمن لا يفهم في ابجديات السياسية . صراعات المجلس الجماعي تسيء للفعل السياسي بل تجعل الشباب والاجيال القادمة تعزف عن السياسة وهذا ما أكده خطاب طنجة سنة 2017 “فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل”
بل أيضا كشفت عيوب الأحزاب التي تعطي التزكيات لكل من هب ودب بل أكثر من ذلك ابتعدت عن أدوارها الدستورية المتمثلة في تكوين نخب قادرة على تدبير ناجع ومستدام للجماعات .
ان الازمة هي فرصة للناخب لمراجعة ذاته واختيار من يكون كفء له برنامج يدافع عنه وليس من هو من اعيان القبلة او يريد الاغتناء على حسابه .
في النهاية، يبقى المواطن في الصهريج هو الحلقة الأضعف، يريد فقط الانصات الى حاجاته وتفعلها عبر مشاريع ملموسة نريد ان نقول لكل هؤلاء :” كفى، واتقوا الله في جماعتكم ووطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة ، وإما أن تنسحبوا .اختم بقوله تعالى :”إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”. صدق الله العظيم.
ان السؤال الذي يفرض نفسه: متى يدرك هؤلاء أن من يعرقل اليوم التنمية ، إنما يعرقل حياة كاملة لجيل ينتظر الغد