آخر الأخبار

حدائق أگدال بمراكش

المبارك الگنوني 

تعتبرحدائق أكدال الممتدة على مساحة 500 هكتار بمراكش أقدم حديقة حية بالعالم منذ 9 قرون، وتعتبر اليوم موروثا إنسانيا باعتراف من اليونيسكو.هذه الحدائق الرائقة الشاسعة والبهية والغنية هي مفخرة للمراكشيين وللمغاربة خاصة و الإنسانية عامة.

كل المصادر التاريخية، تجمع على أن مؤسس حدائق أكدال، هو الخليفة الموحدي أبويعقوب يوسف بن عبد المومن بن علي الكومي البربري الذي ولد سنة 1139ببلدة تنمل التاريخية. يعتبرهذا القائد أعظم خلفاء الموحدين، ليس فقط لأنه هو من بنى مسجد الكتبية بمراكش ومسجد حسان بالرباط ومسجد الخيرالدا بإشبيلية بالأندلس، بل لأنه كان صاحب رؤية تنموية استراتيجية، كانت جد متقدمة عالميا في عصره، فإليه يعود كل التنظيم المائي لمراكش وإشبيلية.

كل الكتب التاريخية تجمع على أن هذا الخليفة الموحدي هومـن أطلق اسم “جنان الصالحة” على هذه الحدائق الغناء نسبة الى زوجته الذي كان اسمها يردد طيلة 9 قرون ولا زال، من منا لم ينشد تلك اللازمة الشعبية في صباه ؟: آجرادة مالحة، فين كنتي سارحة؟ في جنان الصالحة،آش كليتي؟ آش شربتي؟غير التفاح ولمزاح…..

يـظم أكدال صهريجين كبيرين جدا، هما صهريج “دار الهنا” وصهريج “الغرسية”. ويعتبر صهريج “دار الهنا” أعظم منجز هندسي مائي بالمغرب إلى اليوم، وبتقنيات يعود تاريخها إلى القرن 12 الميلادي. يقول Gaston Deverdun في كتابه “Marrakech des origines à 1912” “إن الرؤية التي حكمت إنجاز وتحقيق هذا المشروع التنموي والحضاري الكبيرلأكدال بصهريجيه، وكذا صهريج حدائق المنارة، هي رؤية شجاعة ذات أفق استراتيجي لم تستعمل فقط للسقاية بل إنها كانت فضاء للتدريب العسكري على السباحة للجنود وأيضا على التدرب على المعارك في الماء، وأكثر من ذلك، على تدريب الفرسان والخيل على المعارك في اصطخاب الماء.”كمواطن غيور على كل موروث تركه السالفون وتملكه اللاحقون،أوجه رسالة مستعجلة كلها حسرة ولوعة تدمي القلب الى المسؤولين على التراث المادي والمعنوي لمدينة مراكش وأقول:”لقد قمت مؤخرا بزيارة لحدائق أكدال( 1916 )””جــنـــان الـــصـــالــحــة””ووقفت مشدوها مذهولا من حدة الخراب الذي لحق بالقبة التي كانت متنزها للسلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الرحمان وابنه السلطان الحسن الأول، حيث سقط سقفها الأوسط العلوي وتهدم بفعل الإهمال وعدم الصيانة.وأخشى أن يصبح مصيرهذه القبة كمصير “صهريج الــبـقـر” التاريخي الموحدي القديم الذي دمر وضاع إلى الأبد في جريمة عمرانية سافرة بسبب زحف العمران.