آخر الأخبار

تعديل قانون الدراجات النارية: إصلاح مشوه يضرب المواطن البسيط

تعيش أسواق الدراجات النارية في المغرب فوضى صامتة، ضحيتها الأولى هو المواطن البسيط الذي يشتري دراجة نارية من محل معتمد، يدفع ثمنها، يسدد واجبات التسجيل والتأمين، ليجد نفسه بعد أيام أو شهور أمام مفاجأة صادمة: الدراجة التي تسير به يوميًا إلى عمله أو جامعته أو رزقه “غير مطابقة للقانون” وبالتالي معرضة للحجز.

المفارقة الصارخة تكمن في المسار الرسمي نفسه. هذه الدراجات تدخل عبر الموانئ والجمارك، تؤدى عنها الرسوم الجمركية بشكل قانوني، تُعرض في محلات مرخصة وتُباع مثل أي سلعة أخرى، وبعدها مباشرة يخرج القانون ليعلن أنها غير مطابقة للمواصفات! كيف يعقل أن تُفتح لها الأبواب عند الحدود وتُفرض عليها الضرائب، ثم تُغلق في وجهها الطرقات وتُحجز أمام أعين أصحابها؟

والأغرب أن أغلب هذه الدراجات يتم تأمينها بشكل رسمي من طرف شركات التأمين، بعقود موثقة وأقساط تُدفع بانتظام. السؤال المحرج هنا: إذا كانت هذه الدراجات غير قانونية، فلماذا تُقبل شركات التأمين على ضمانها؟ وإذا كان القانون واضحًا، فلماذا تُباع كما يُباع الشوكولا في رفوف المتاجر، أمام أعين الجميع، وبتواطؤ صامت من جهات متعددة؟

المواطن هنا لا يواجه دراجة غير مطابقة، بل يواجه تناقضات مؤسسات. فهو اشترى من محل مرخص، دفع للجمارك، سجّل عند مصالح النقل، وأمّن عند شركة معترف بها. ومع ذلك يبقى هو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، ليُحاسَب وحده على أخطاء غيره.

القضية في عمقها ليست مجرد ملف تقني حول “مطابقة المواصفات”، بل فضيحة إدارية وقانونية تُظهر حجم الارتباك في السياسات العمومية. فإذا كانت هذه الدراجات فعلاً غير قانونية، فمن سمح لها بدخول المغرب أصلًا؟ ومن أجاز بيعها في المحلات المعتمدة؟ ومن يقبل باستخلاص أقساط التأمين عنها؟

المواطن البسيط لا يطلب أكثر من الوضوح. إن كانت هذه الدراجات ممنوعة، فلتُمنع عند الحدود، لا أن يُترك صاحبها يتورط في اقتنائها، ثم يُعامل كمتهم. أما أن يُفتح الباب ويُغلق في وجهه بعد أن يؤدي كل ما طلب منه، فتلك قمة العبث الإداري.

وكما يقول المثل الشعبي: “طلع للكرمة نزل شكون قالها لك”،