تضارب المصالح يشل قسم التعمير بمراكش.. مستثمرون يشتكون إلى ”الوالي” فهل يتدخل ؟
توصلت ” مراكش اليوم ” بشكاية موجهة إلى السيد والي جهة مراكش آسفي من طرف مستثمر محلي، يعبر فيها عن استيائه من ممارسات غير قانونية يشهدها قسم التعمير بجماعة مراكش، متهمًا نائب عمدة المدينة المفوض له تدبير هذا القطاع بالشطط في استعمال السلطة وتضارب المصالح، وهو ما أدى إلى تعطيل مشروعه الاستثماري رغم استيفائه لكافة الشروط القانونية.
وحسب المعطيات المتوفرة، فإن المستثمر تقدم بطلب رخصة البناء بشكل نظامي، حيث تم عرض ملفه على أنظار لجنة الشباك الوحيد التي صادقت عليه بالإجماع، بما في ذلك الموافقة الصريحة لممثل الوكالة الحضرية، وهي الموافقة التي تُعتبر ملزمة لرئيس الجماعة حسب النصوص القانونية الجاري بها العمل.
وبعد انتهاء أشغال اللجنة، تم إرسال المحضر إلى نائب رئيس المجلس الجماعي المكلف بالتعمير لاتخاذ القرار النهائي، وذلك في إطار الآجال المنصوص عليها في المادة 38 من ضابط البناء العام، التي تحدد أجل 3 أيام لاتخاذ القرار بعد توصله بمحضر اللجنة. وقد تم بالفعل توقيع القرار بالموافقة على المشروع في البداية.
وبناء على ذلك، قام المهندس المعماري باستكمال الملف بملحق تكميلي، لتنتقل الإجراءات إلى مرحلة أداء الرسوم، حيث أدّى المستثمر جميع المستحقات بما فيها مقابل خدمات الوكالة الحضرية، الوقاية المدنية، ورسوم رخصة البناء الخاصة بالمجلس الجماعي. غير أن المفاجأة كانت حين أحيل الملف مجددًا إلى نائب الرئيس المفوض له التوقيع، فدخل في دوامة من الانتظار امتدت لأشهر دون أي رد أو توضيح.
وتفيد مصادر الجريدة أن هذه الحالة ليست معزولة، بل تعكس وضعًا مقلقًا داخل قسم التعمير، حيث تتكرر نفس الممارسات مع مستثمرين آخرين، ما خلق جوًّا من التذمر والاستياء في أوساط الفاعلين الاقتصاديين الذين يتساءلون : من يحمي هذا النائب ؟ ولماذا يُسمح له بمواصلة خرق القانون دون مساءلة أو محاسبة؟
والأخطر من ذلك، أن هذا النائب يُعد في الوقت نفسه مالكًا لعدة شركات تنشط في القطاع العقاري، وتملك مشاريع كبرى في مختلف أرجاء المدينة، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تضارب مصالح صارخ.
ذلك أن تأخير توقيع الرخص لأيام أو أسابيع، قد يبدو إجراءً بيروقراطيًا في الظاهر، لكنه في الواقع قد يمنح أفضلية زمنية غير مشروعة لمشاريع منافسة في السوق، بما فيها تلك التي تربطها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالنائب المعني، ما يُخل بمبدأ تكافؤ الفرص، ويضرب في الصميم قواعد المنافسة الشريفة.
هذا السلوك، وفقًا للمادة 68 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، يندرج ضمن حالات الامتناع عن تنفيذ المهام المفوضة للنائب، وهو ما يستوجب العزل بقرار من السلطة المختصة. كما يعرّض المجلس الجماعي لمخاطر قانونية جسيمة، قد تترتب عنها ملاحقات قضائية وخسائر مالية وسمعة متدهورة، خاصة ونحن على أبواب استحقاقات انتخابية مصيرية.
ويبقى السؤال المطروح اليوم : هل ستتحرك العمدة لتطبيق القانون وتجنيب المجلس تبعات هذه الخروقات المتكررة؟ وهل ستتم إحالة هذا الملف إلى القضاء الإداري لمحاسبة النائب على تجاوزه لصلاحياته ؟ أم أن منطق الإفلات من العقاب سيبقى سيد الموقف، بينما يستمر المستثمرون في دفع ثمن تضارب المصالح وغياب ربط المسؤولية بالمحاسبة .