كانت تامنصورت يومًا ما مشروعًا واعدًا في إطار البرنامج الوطني للمدن الجديدة، يهدف إلى استيعاب النمو السكاني وتوفير فضاءات سكنية حديثة بعيدًا عن اكتظاظ المدن الكبرى. لكن الواقع يؤكد أن هذه المدينة تعاني من فشل دريع يكاد يجعلها نموذجًا يُحذَّر منه في تدبير شؤون العمران والتنمية.
الفرق بين تامنصورت ومدن أخرى مثل تامسنا بسلا هو فارق في العقلية. نفس المشروع، نفس الأهداف، لكن النتائج كارثية في تامنصورت. هنا تُدار المدينة بعقلية القرية التي لا تزال تعيش على هامش التطور، تغيب عنها أبسط الخدمات الاجتماعية من مستشفيات ومدارس ومرافق ثقافية وترفيهية.
وضع النقل العمومي كارثي. لا حافلات، ولا تنظيم، ولا حتى سيارات الأجرة الكبيرة تقوم بواجبها. خط واحد مقسم إلى قسمين مما يؤدي إلى مضاعفة الأسعار على ظهر السكان، الذين يجدون أنفسهم في فخ لا مخرج منه.
أما البنية العمرانية، فهي في حال يرثى لها. عشوائية البناء تنتشر بلا حسيب أو رقيب، المكياج على الواجهة فقط، أما الداخل فمأساة.
أما الإنارة العمومية فتمثل نقطة سوداء أخرى في واقع تامنصورت. الطريق الممتد من قنطرة تانسيفت مرورًا بحربيل حتى مدخل المدينة يعاني من انعدام شبه كامل للإنارة أو ضعفها الشديد، ما يزيد من مخاطر حوادث السير ويعمّق شعور الساكنة بعدم الأمان، خاصة في الليل. هذا الوضع يبرز حجم الإهمال والتقصير في توفير أبسط شروط العيش الكريم التي يُفترض أن تكون من أولويات أي مشروع عمراني حديث.
الأسئلة التي تفرض نفسها بقوة:
من المسؤول عن هذا الإهمال؟
أين دور المسؤولين المنتخبين الذين عُهد إليهم بخدمة السكان؟
أين مراقبة الوصاية وأجهزة الدولة؟
تامنصورت ليست فقط عاصمة للمعاناة، بل هي شهادة حية على فشل السياسات التنموية وضعف الإرادة السياسية على الأرض. إذا استمرت الأمور على هذا الحال، فستظل المدينة حبيسة مشكلاتها، من دون أفق واضح يرفع الظلم الواقع على ساكنتها.
هذه المدينة بحاجة ماسة إلى وقفة جدية ومسؤولة، وإلى قيادة حقيقية تعي أن بناء المدن لا يقتصر على البنايات فقط، بل يتعداها إلى ضمان حقوق السكان في العيش الكريم.