آخر الأخبار

بين مسؤولية الحاضر وميراث الماضي: العثماني وأخنوش في ميزان السياسة

لا يكاد يمر حوار لرئيس الحكومة عزيز أخنوش دون أن يتضمّن إحالات متكررة على حكومتي العدالة والتنمية السابقتين، وكأنهما العائق الأبدي الذي يكبّل يديه عن الإنجاز. لكن تدوينة سعد الدين العثماني الأخيرة، المنشورة على صفحته الرسمية، جاءت لتكسر هذا المسار المتواصل من “التنصّل السياسي”، وتضع النقاش في سياقه الحقيقي: من يتحمّل مسؤولية الحاضر؟

العثماني لم يكتفِ بدحض ما اعتبره “معلومات خاطئة” وردت في تصريحات أخنوش، بل أعاد التذكير بدور التجربتين الحكوميتين السابقتين في إرساء إصلاحات كبرى، من قبيل التأسيس لورش الحماية الاجتماعية والدعم المباشر، وهي ملفات اختارت الحكومة الحالية أن تنسبها لنفسها في مرحلة التنزيل. هنا يطرح العثماني سؤال الشرعية السياسية: هل يكفي نسب المنجزات السابقة للحاضر لتبرير ضعف الحصيلة الراهنة؟

في ملف الانتخابات، يبرز التناقض أوضح. فالعثماني استحضر المشاورات التي قادها هو وعبد الإله بنكيران مع الأحزاب السياسية، باعتبارها ممارسة سياسية راسخة بعد دستور 2011، وأكد نجاحها في تحقيق توافقات مؤسساتية. لكنه سارع إلى وضع خط فاصل بين مفهوم “النجاح” و”الفشل”، معتبراً أن فشل الإشراف السياسي هو في تمرير القاسم الانتخابي “الغريب”، الذي دافع عنه أخنوش، بينما رفضه هو بشدة حفاظاً على نزاهة العملية الانتخابية.

أما الملفات الاستراتيجية، من الماء إلى التغطية الصحية وميثاق الاستثمار، فقد اختار العثماني أن يواجه خطاب رئيس الحكومة بـ”حقيقة الزمن”: أربع سنوات مضت كافية لتقديم حصيلة عملية، لا لتكرار سردية الإعاقات الماضية. فالحكومات السابقة، مهما كان تقييمها، لم تمنع أخنوش من الوفاء ببرنامجه الانتخابي، بل وضعت أمامه أسساً كان من المفترض أن يبني عليها.

في المحصلة، ما يطرحه العثماني اليوم ليس مجرد دفاع عن تجربة سياسية مضت، بل دعوة لوقف سياسة الهروب إلى الماضي، والانكباب على مسؤوليات الحاضر. فالمغاربة، في النهاية، لا يحاسبون على الأعذار، بل على النتائج.