آخر الأخبار

بين الفرنسية والقطيع: وزارة الفلاحة تختار السخرية على حساب الفلاح

قبل ثلاثة أيام، قررت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن تُذهل المغاربة بدرس جديد في “الارتجال الحكومي المتقن”. كيف؟ بدورية رسمية موجهة إلى مربي الأغنام والماعز… بالفرنسية! نعم، الفرنسية، لغة البورصات والغرف المغلقة في باريس، وليس لغة الفلاح المغربي الذي يعرف الذرة والجزرة أكثر من كابيتال السوق. يبدو أن الوزارة نسيت أن الفلاحين لا يحتاجون إلى قاموس لغة الدبلوماسية، بل إلى قرارات واضحة وحماية حقيقية لمواشيهم.

لكن المفاجأة الكبرى كانت في جوهر القرار نفسه: رفع المنع عن ذبح إناث الأغنام والماعز—ما عدا الحوامل—بعد ستة أشهر فقط من قرار سابق يمنع ذلك. لا دراسة، لا بيانات، لا تفسير. مجرد ارتجال حكومي يترك الفلاح والمستهلك على حد سواء في حيرة، كأننا أمام نسخة حية من “قرارات حسب المزاج اليومي”.

ما يثير السخرية أكثر هو التناقض الصارخ: وزارة تتحكم في ثروة حيوانية هائلة، لكنها عاجزة عن صياغة قرار ثابت وواضح، وفي الوقت نفسه تستمر في عبادة الفرنسية كرمز للعلم والسلطة، متجاهلة دستور 2011 الذي نص على العربية والأمازيغية كلغتين رسميتين.

في النهاية، لم تكن الدورية مجرد وثيقة إدارية، بل عرض حيّ لمسرحية التسيير المبتكر: ارتجال، تناقض، ولغة أجنبية كزينة على مشهد لا يضحك إلا على حساب المواطن والفلاح البسيط.