آخر الأخبار

بلاغ حقوقي حول انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات

افاد بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول ما اسماه ” انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد حراك جيل Z وباقي الاحتجاجات ” :

يطيب لنا في المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن نستقبلكن/م وأن نشكركن/م على حضوركن/م لمتابعة أشغال ندوتنا الصحفية، التي ارتأينا تنظيمها، لإبلاغكن/م بما ينتابنا من قلق كبير بسبب العدد الهائل والمتزايد للمتابعين والمعتقلين والأحكام القاسية الصادرة، حتى الآن، في حق بعضهم؛ ولاطلاعكن/م على ما رصدناه من انتهاكات وتجاوزات أثناء التعامل مع حركة “GenZ212” وعموم الاحتجاجات الجارية، إما عبر فروعنا مباشرة، أو بواسطة السادة المحامون والسيدات المحاميات، وأيضا من خلال المتابعة لما ينشر في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بعد التحقق منه؛ غايتنا في ذلك التنبيه، الذي لطالما رددناه دون كلل، إلى أن القمع لم يكن ولن يكون يوما أسلوبا حصيفا لحل المشاكل وللإجابة على المطالب المشروعة والعادلة للمواطنين والمواطنات، قد يفلح في اخماد الغضب الشعبي إلى حين أن يشتعل من جديد بصور قد لا يمكن السيطرة عليها إلى ما لا نهاية له، وهو ما يتكرر باستمرار.
وكما هو دأبنا لا بد من تجديد الإشارة إلى أن هذا التقرير الذي نقدمه، هو كما يدل عليه اسمه، تقرير أولي لا نزعم أنه شامل ومحيط بجميع جوانب الملف الذي يتناوله.
لقد تتبعنا جميعا ما عرفته عدد من المدن ببلادنا منذ يوم 27 شتنبر، الذي يؤرخ للانطلاقة العملية لاحتجاجات حركة “جيل Z” (GenZ-212)، بمبادرة من مجموعة من الشباب الناشط بمواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة منصة (Discord)، الذين حملوا على عاتقهم مهمة النزول إلى الشارع لإعلان مطالبهم القاضية، باستئصال الفساد، وتمكين كافة المغاربة دون تمييز من الحق في الصحة، والتعليم العمومي الجيد والشغل واحقاق العدالة الاجتماعية، واحترام الأولويات عند الانفاق بدل الجري وراء الابهار في الانشاءات والتبديد السخي للموارد عند الانفاق.
ولأن السلطات، باتت مطمئنة إلى أن لا صوت يعلو على صوتها، وبأن هيبة الدولة لا فكاك لمن يخدشها ويتطاول عليها في الفضاءات العامة من أن ينال عقاب، تشفع لها في ذلك سوابقها، فإنها وضدا على التزاماتها المترتبة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقوانين المحلية بما فيها الدستور في بابه المتعلق بالحقوق والحريات، الذي يضمن الحق في التظاهر السلمي، واجهت هذه الحركة والاحتجاجات قبل انطلاقها بكل ما أوتيت من قوة وصلابة؛ حيث عمدت، بعد فشل منعها ودعايتها الاستباقية في كبح الاحتجاجات السلمية المبرمجة، إلى تنفيذ انزالات أمنية غزيرة، واحتلال أماكن الاحتجاج المعلنة، ومباشرة الاعتقالات المكثفة، والمطاردات والتنكيل بالمحتجين والتضييق على حرية التنقل والتجوال بالنسبة للمواطنين والمواطنات، مشيعة بذلك جوا مفعما بالقمع والترهيب النفسي والجسدي.
السيدات والسادة؛
لا يجادل أحد في أنه طيلة أيام 27 و28 و29 شتنبر 2025 لم تحد الاحتجاجات، التي تبنتها وتداعت إليها حركة “جيل Z”، عن خيارها السلمي والمدني، رغم الشطط والتعسف اللذين طبعا كل التوقيفات والاعتقالات المسلطة على الشباب من نشطائها. غير أنه في مقابل اتساع رقعة الاحتجاجات وانتقالها إلى ساحات ومناطق مختلفة في نفس المدينة، سترفع جحافل الأمن من وتيرة وحدة تدخلاتها، مستعملة القوة المفرطة، من ضرب ورفس، مع ما يتخللهما من سب وشتم واهانات، مستعينة في ذلك أحيانا ببعض الأشخاص والمجموعات الغريبة عن القوات العمومية.
إن المغالاة في استعمال للقوة بدل اللجوء إلى الأساليب المعروفة لفض التظاهرات، استنادا إلى مبدأي الضرورة والتناسب، ساهم، بالإضافة إلى الاحتقانات المتراكمة والدفينة، في اندلاع مواجهات وصدامات بين القوات العمومية والمتظاهرين بالعديد من المناطق؛ الأمر الذي أفضى إلى وقوع فواجع راح ضحيتها مواطنون لا زالوا في ريعان الشباب، حرموا من حقهم المقدس في الحياة، كما هو الشأن في منطقة القليعة بإقليم إنزكان، حيث قتل شبان عقب استعمال الرصاص الحي من طرف الدرك الملكي، فيما أصيب آخرون بجروح لا يعرف، إلى الآن، مدى خطورتها؛ أو كما حدث في وجدة عندما تسببت التدخلات القمعية الهوجاء في المس بالسلامة البدنية والأمان الشخصي لشابين جرى دهسهما من طرف سيارات خاصة بالشرطة وقوات التدخل السريع. هذا علاوة على ما نال العديد من المحتجين والمارة، بمن فيهم الأطفال والقاصرون، من عنف وإيذاء واعتداء على حرمتهم الجسدية والنفسية.
وفي الوقت الذي سجلت فيه الجمعية انسحاب القوات العمومية من مواقع بعض الاحتجاجات والمواجهات؛ كما وقع في كل من مدينة انزكان يوم… وسلا يوم… وسيدي يوسف بن علي بمراكش يوم فاتح اكتوبر 2025؛ وبأن التوقيفات، التي تمت خلال الأيام الثلاثة الأولى للاحتجاجات، لم تسفر عن متابعات قضائية، حيث أفرج عن جميع الموقوفين؛ فإنها ما فتئت تتابع، بناء على ما تتوصل به من فروعها وما تتمكن من رصده رغم تكثم السلطات العمومية وحجرها على الحق في المعلومة، اقدام الدولة، منذ متم شهر شتنبر، على مباشرة حملة واسعة وعريضة من الاعتقالات التي لا زالت متواصلة في بعض المناطق كالقليعة بإقليم انزكان، وسلا، وسيدي يوسف بن علي بمراكش إلى غاية 8 أكتوبر، رغم توقف الاحتجاجات بصفة نهائية.
إن التقرير لم يكتف باستعراض وتوثيق الاعتقالات التي طالت حركة جيل Z والاحتجاجات التي واكبتها، بل أضاف إليها أيضا الاعتقالات ومحاكمات الرأي التي تعرض لها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تدوينات اعتبرت في نظر السلطة والقضاء تحريضا على التظاهر، أو مسا بالمؤسسات، في حين أنها موضوعيا متابعات ومحاكمات تستهدف حرية الرأي، وتروم تسييج الفضاء الرقمي بعد إغلاق الفضاء العام بنفس أساليب القمع والترهيب.
الحضور الكريم؛
في انتظار انجاز تقرير مفصل حول الأحداث، بما فيها المتابعات القضائية، ومدى احترام شروط ومعايير المحاكمة العادلة، والقيام باستقراء للأحكام التي بدأت تتقاطر وتتوالى، ومنها ما هو قاسٍ كالأحكام الصادرة في حق مجموعة من المعتقلين، ينحدرون من خميس أيت اعميرة، يوم…من طرف ابتدائية أكادير، فإن الجمعية تود، وهي تدرك تمام الادراك أن مقاربة الدولة لمعالجة أزماته ظلت هي نفسها لا تتزحزح، أن تبسط أمامكم أبرز ما وقفت عليه من الانتهاكات التي صاحبت الحركة السلمية لجيل Z، غير غافلة عن غيرها من الاحتجاجات، وذلك كما يلي:
المنع لكل وقفة احتجاجية بدعوى عدم وجود ترخيص مسبق في خرق سافر لقرارات محكمة النقض التي حسمت هذه المسألة بأنّ الوقفات الاحتجاجية لا تحتاج لأي ترخيص مسبق؛
تفريق الاحتجاجات حتى قبل وقوعها دون احترام المساطر القانونية الخاصة بفظ التظاهر السلمي، المنصوص عليها في ظهير الحريات العامة لسنة 1958؛
عدم إخبار عائلات القاصرين بالتوقيف؛
وضع مجموعة من المعتقلين بالسجون الانفرادية وعرضهم على طبيب نفساني على أنهم مرضى نفسانيين كحالة معتقل قصبة تادلة انوار اخماموش؛
توقيع محاضر الضابطات القضائية تحت الضغط والإكراه والعنف وانتزاع اعترافات لا أساس لها من الصحة؛
⁠الاتصال ببعض المدونين الداعمين لحركة جيل z عبر الهاتف النقال واعتقالهم دون احترام شكليات الاستدعاءات المنصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية؛
تكديس المعتقلين أثناء توقيفهم بمخافر الشرطة بشكل مختلط شباب وشابات دون احترام أدنى شروط الاعتقال وفي غياب تام للمرافق الصحية بالشكل المتطلب؛
التحرش الجنسي خاصة بالشابات المعتقلات خاصة في مخافر الشرطة بالرباط؛
انعدام حالات التلبس المنصوص عليها بالمادة 56 من قانون المسطرة الجنائية بالمتابعات المسطرة في اغلب المعتقلين؛
غياب محاضر المعاينة والإيقاف المفروض إنجازها من طرف ضباط الشرطة القضائية والاعتماد فقط على تصريحات الأطقم الأمنية؛
الاستماع للأحداث دون حضور ولي أمرهم في حالات الجُنح أو الجنايات، علما أنه لا يجوز ذلك حسب القانون الدولي لحقوق الانسان، الا في ظروف استثنائية يحددها القانون. يقتضي القانون أن يحضر ولي الأمر أو من يقوم مقامه لحماية حقوق القاصر وتأمين سير التحقيق دون تعريض القاصر لأي ضرر؛
خرق جميع المساطر بما فيها ظروف الاستماع للقاصرين فمثلا في القنيطرة لم يسلم طفل مزداد في ماي 2012 تم تضمين المحضر بأنه شارك في المظاهرات وكان يرفع الشعارات ويقوم برشق القوات العمومية بالحجارة. والأخطر من ذلك تم تضمين اعترافه أيضا بقراءة المحضر والموافقة عليه وتوقيعه علما أنه لا يعرف القراءة؛
ملاحظة آثار الضرب على بعض المعتقلين والذين صرحوا انهم تعرضوا للاعتداءات الجسدية أثناء التوقيف في الشارع العام؛
رفض تدوين التعرض للعنف أثناء التوقيف في المحاضر المنجزة من طرف الشرطة؛
استمرار الاعتقالات حتى بعد توقف الاحتجاجات بكل من سيدي يوسف بن علي بمراكش والقليعة بإنزكان ومكناس كمثال طيلة ايام 4و5و6 وإلى حدود يوم 10 أكتوبر من داخل المنازل. وتسجل الجمعية أن الاعتقالات كانت تتم بواسطة “كومندوهات”، خاصة وفي اوقات غير مسموح به قانونية باللجوء للاعتقال، فقد كانت الاعتقالات تتم بين 2 صباحا و5 صباحا ودون احترام لحرمة المنازل؛
اللجوء إلى الاعتقالات بشكل مكثف، ومنع المارة من التجوال في خرق لحرية التنقل؛
رشق المحتجين بالحجارة من طرف القوات العمومية بإنزكان؛
تعريض الشباب والشابات للإهانات والمعاملات الحاطة من الكرامة الإنسانية، خلال توقيفهم أو وضعهم في الحراسة النظرية، وفق ما صرح به 35 منهم أثناء تقديمهم أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط يوم 30شتنبر؛
انجاز محاضر بسرعة تتضمن اتهامات خطيرة تفتقر إلى دلائل وقرائن قاطعة تثبتها؛
القاسم المشترك بين غالبية المقدمين أمام النيابة العامة هو أنه تم تضمين اعترافات مفصلة غير صحيحة لهم بالمشاركة في الاحتجاجات ورمي القوات العمومية بالحجارة حسبما صرحوا به أمام النيابة العامة بحضور عدد كبير من المحامين والمحاميات؛
إيقاف مواطنين من أمام المحكمة فقط لأنهم حضروا من أجل متابعة أخبار زملائهم؛
الاعتداء على حق المواطنين في الوصول إلى الخبر والحق في المعلومة من خلال اعتقال الصحافيين أو منعهم من مزاولة مهامهم؛
القتل باستعمال الرصاص الحي من طرف درك القليعة؛
الدهس والتسبب في إصابات بليغة بمدينة وجدة من طرف قوات الأمن والتدخل السريع؛
المطاردات في الشارع العام بواسطة الدراجات النارية؛
الاعتقالات الكثيفة بما فيها العشوائية للمئات من المواطنين ضمنهم عدد كبير من القاصرين؛
تقديم المعتقلين بعد استنفاذ مدة الحراسة النظرية تم عبر مجموعات أمام النيابة العامة؛ سواء لدى المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف في شروط صعبة، ذلك أن أغلب الحالات لم تتمكن من تنصيب محامي للدفاع، بل هناك حالات لم تعلم أسرهم بأمر الاعتقال؛
انتفاء بعض معايير المحاكمة العادلة، ومن ضمنها توكيل محام للدفاع، والتحقيق التفصيلي في التهم الموجة للمعتقل، واعتماد قرينة البراءة، واستبعاد محاضر الشرطة القضائية، وفتح التحقيقات حول مزاعم التعذيب أو المعاملة القاسية أو الحاطة من الكرامة الانسانية.
التوصيات:
ضرورة الاحترام الفعلي لكافة الحقوق والحريات، كما هي منصوص عليها وعلى معاييرها في القانون الدولي لحقوق الإنسان والتشريعات الوطنية متى لم تتعارض معه، والتقيد التام بسيادة القانون؛
الالتزام بحماية الحق في التنظيم والتعبير والتظاهر السلمي دون قيد أو شرط، كما تكررت التوصية بذلك من قبل لجن المعاهدات والمقررين والخبراء المستقلين؛
الحرص على أن يحترم الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون المبادئ التوجيهية الأممية لمدونة قواعد السلوك الخاصة بهم، ولا سيما مبادئ الشرعية، والضرورة والتناسب، وألا يفضي عملهم، الخاضع وجوبا للمساءلة والمحاسبة، إلى المس بالكرامة الإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان في جميع الأحوال والظروف؛
فتح تحقيقات محايدة ونزيهة في الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة، التي تخللت الاحتجاجات الأخيرة، مع تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات؛
العمل عل ضمان حصول كل المعتقلين المتابعين، استنادا إلى وسائل اثبات دامغة، على محاكمات عادلة تستوفي جميع الضمانات والمعايير الدولية؛
إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية حراك جيل Z السلمي، وباقي المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف ومن سجنوا أو سُجِنَّ بسبب الرأي والتعبير؛
الإسراع بفتح نقاش وطني حول أولويات السياسات العمومية، والأهداف الموجهة لإنفاق المال العام، ولوضع استراتيجية عملية للقضاء على الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، بدءا من القطع مع اقتصاد الريع والجمع المقدس بين الثروة والمال؛
جعل حد لتمدد السلطوية وتسييج الفضاء العمومي ورفع كل القيود التعسفية وغير القانونية على ممارسة جميع الحقوق والحريات…
وختاما لا يفوت الجمعية أن تسجل بمطلق الأسف السرعة القياسية في إصدار أحكام قاسية وصلت إلى 15 سنة سجنا نافذا في جنايات، وستعتبرها رسالة من القضاء لترهيب المحتجين وضغطا لوقف الاحتجاجات تماشيا مع مقاربة الجهاز الأمني.
هذه اجمالا، هي أبرز الانتهاكات والتجاوزات التي سجلتها الجمعية خلال الفترة الفاصلة بين انطلاق احتجاجات حركة “جيل Z” وندوة اليوم، على أننا سنعود لنجدد بكن/م الاتصال للمزيد من التفصيل في التطورات الحالية واللاحقة متى توفرت لدينا.
وفي الختام، نجدد لكم/ن الشكر جميعا على حضوركن/م وحسن استماعكن/م وتتبعكن/م، كما أننا نضع أنفسنا رهن إشارتكن/م لتقديم المزيد من التوضيحات حول ملاحظاتكن/م وتساؤلاتكن/م.