اعتبر بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان،
فرع المنارة مراكش، سوء التدبير والتسيير الإداري بالثانوية التأهيلية عودة السعدية يؤدي إلى الاستهتار بالحق في الحياة وتعريض السلامة الجسدية لنزيلات القسم الداخلي للخطر .
وابرز البلاغ الحقوقي، أنه في انتهاك صارخ للحق في الحياة والسلامة الجسدية ، شهد القسم الداخلي للثانوية التأهيلية عودة السعدية بمراكش ما يمكن وصفه بكارثة إنسانية في الساعات الأولى من يوم السبت 14 يونيو 2025، بعد اندلاع حريق مهول أسفر عن حالات إغماء واختناق في صفوف التلميذات نزيلات القسم الداخلي، ونقل ست حالات بإصابات متفاوتة الخطورة إلى المستشفى، بعضها ناتج عن السقوط من أعلى البناية.
وقال البلاغ ذاته، إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، وإذ تعبر عن إدانتها الشديدة لهذا الحدث المفجع ، فإنها تحمّل السلطات الوصية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة كامل المسؤولية، ليس فقط في وقوع الحريق، بل في تبعاته الوخيمة التي كان يمكن تفاديها لو تم احترام الحد الأدنى من معايير السلامة والوقاية ، والتي غابت بشكل مقلق داخل المؤسسة.
وتذكّر الجمعية في هذا الصدد أنها سبق لها أن تفاعلت مع شكايات لمواطنين بشأن الاختلالات الجسيمة في تدبير وتسيير الشأن التعليمي داخل هذه الثانوية ، ونبّهت إلى مخاطر الإهمال والتقصير الذي أصبح يهدد حياة وسلامة التلميذات.
إن هذه الفاجعة هي نتيجة مباشرة لعدة عوامل خطيرة، منها:
التصميم والهندسة غير الآمنة للقسم الداخلي ، حيث تغيب منافذ الإغاثة الكافية وسهلة الولوج، كما أن طريقة توزيع المراقد تمنع إمكانية الوصول السريع للنجدة في حالات الطوارئ، ولا يمكن نظراً لضيق المساحات والممرات بينها أن تشكل هذه المساحات ملاذاً آمناً لنزيلات القسم الداخلي في مثل هذه الحالات.
ضعف الصيانة، لا سيما فيما يتعلق بالشبكة الكهربائية والسخانات المائية، مما يفاقم خطر اندلاع الحرائق في أي لحظة، و على وجه الخصوص في هذه الفترة من السنة( شهر يونيو)
عدم إعداد وتفعيل مخطط تدبير الكوارث داخل المؤسسة، ما أدى إلى غياب أي بروتوكول واضح للاستجابة الفورية لهذا الحريق، مما أضاع وقتًا ثمينًا كان يمكن أن يحدّ من فداحة الخسائر.
التقصير الفادح في توفير معدات إطفاء الحريق (extincteurs) ومدى صلاحيتها للاستعمال ، إذ يُطرح تساؤل جوهري حول وجود هذه المعدات داخل المؤسسة ومدى انتظام عمليات تعبئتها وصيانتها الدورية والتدريب على استعمالها ، خاصةً أنها تمثل خط الدفاع الأول أمام أي خطر حريق محتمل.
التقصير الفادح من قبل حراس الأمن ومعلمات الداخلية ، حيث كان القسم الداخلي مغلقًا من الخارج، الأمر الذي منع تدخل المواطنين الذين هرعوا لإنقاذ التلميذات، ناهيك عن غياب الأطر الإدارية المقيمة، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مدى الالتزام بالمعايير القانونية الخاصة بإدارة الداخليات. إن الجمعية، وإذ تضع هذا الحدث في سياق التزامات الدولة وتعهداتها الحقوقية الوطنية والدولية ، فإنها تؤكد على أن الحق في الحياة والسلامة الجسدية ليس امتيازًا بل حق مقدس يجب أن تضمنه الدولة عبر إجراءات صارمة ومحمية قانونيًا ، وهو ما غاب تمامًا في هذه الفاجعة.
بناءً على ذلك، تطالب الجمعية بـ:
فتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة.
تقوية المراقبة على كافة التجهيزات والرفع من جاهزيتها عبر الصيانة الدورية اللازمة لتفادي الاعطاب .
إعادة النظر في تصميم الداخليات وهندستها لضمان أقصى درجات الأمان والنجاة في حالات الطوارئ.
إلزام المؤسسات التعليمية بوضع مخطط تدبير الكوارث ، وتوفير المعدات الضرورية وضمان تكوين جميع العاملين داخلها.
تأهيل الأطر الساهرة على الداخليات وتكوينها تكوينًا متخصصًا في مجالات الوقاية والاستجابة للطوارئ.
محاسبة كل من ثبت تورطه في هذا الإهمال لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً. إن التقاعس عن تأمين الحق في الحياة والسلامة الجسدية هو استهتار خطير يجب وضع حد له بشكل جذري ، والجمعية إذ تؤكد أن هذه الكارثة ليست مجرد حادث عرضي، بل نتيجة منظومة من الفشل والإهمال ، فإنها تدعو إلى تحرك فوري وحاسم لضمان بيئة تعليمية آمنة تحفظ كرامة وأرواح التلميذات نزيلات الداخليات.