أولاد مطاع هي قبيلة مغربية جنوب مراكش. نزح أولاد مطاع من الجنوب ضمن جيش أهل سوس الذي كان إحدى فرق جيش السعديين في زمن السلطان أحمد المنصور الذهبي.
الموقع والانتماء
أولاد مطاع جماعة قروية تابعة لإقليم قلعة السراغنة ضمن جهة مراكش-آسفي، وتُعد جزءًا من المجال التاريخي لقبائل بني عامر العربية. وقد استقرت هذه القبائل منذ قرون في سهول الحوز وتادلة ودكالة، حيث ساهمت في تشكيل البنية السكانية والثقافية للمنطقة. وتتميز أراضي أولاد مطاع بخصوبتها النسبية، مما جعلها مجالًا فلاحيًا مهمًا يرتبط بالحياة القروية التقليدية.
الطابع الاجتماعي
يحافظ المجتمع المحلي بأولاد مطاع على تقاليد التضامن الجماعي التي ورثها عبر الأجيال، ويُنظر إليها باعتبارها ركيزة أساسية في الحفاظ على التماسك الاجتماعي. ففي المناسبات الاجتماعية الكبرى مثل الأعراس، تتحول الدواوير إلى فضاء احتفالي جماعي، حيث يشارك الرجال والنساء في تنظيم المراسيم، بدايةً من نصب الخيام وتحضير الولائم، وصولًا إلى استقبال الضيوف وإحياء الليالي الغنائية التي تتخللها فن العيطة ورقصات شعبية تعكس الهوية المحلية.
أما في المواسم الدينية، مثل الاحتفال بالمولد النبوي أو زيارة الأضرحة المحلية، فتأخذ هذه اللقاءات طابعًا روحيًا واجتماعيًا في الوقت نفسه. فهي مناسبات للتقرب إلى الله عبر الطقوس الدينية، وللتواصل بين الأسر والجماعات عبر التزاور وتبادل الأطعمة والذبائح. وغالبًا ما تقترن هذه المواسم بأنشطة فلكلورية وأسواق موسمية، تُعرض فيها المنتجات المحلية من حبوب ومواشي وحرف تقليدية.
إلى جانب ذلك، يظل نظام “التويزة” – أي العمل الجماعي التطوعي – أحد أبرز صور هذا التضامن، حيث يتعاون الجيران والأقارب في إنجاز الأشغال الكبرى التي يصعب على الفرد القيام بها بمفرده. ويشمل ذلك أشغال الحرث والحصاد، وبناء المنازل الطينية، وحفر الآبار، وحتى تنظيم الأعراس والجنازات. ويُعتبر هذا النظام أكثر من مجرد وسيلة عملية، بل هو أيضًا قيمة ثقافية تعكس روح الأخوة والتآزر، وتجسّد مبدأ “اليد في اليد” الذي يضمن استمرار الحياة القروية رغم قساوة الظروف الطبيعية والاقتصادية.
الثقافة الشعبية
ترتبط أولاد مطاع ارتباطًا وثيقًا بـ الثقافة الشفوية والشعر الشعبي، إذ يشكّل هذا التراث إحدى الركائز الأساسية التي تعكس هوية المنطقة وتحفظ ذاكرتها الجماعية. وتُعتبر العيطة من أبرز الأشكال الغنائية التي تميّز المجال القروي بقلعة السراغنة وبقبائل بني عامر عامة، حيث تتوارثها الأجيال شفهيًا جيلاً بعد جيل. فالعيطة ليست مجرد غناء، بل هي سجل تاريخي يوثق لحظات القوة والضعف، ويسرد قصص المقاومة والبطولة، كما يصف الحياة اليومية للناس بما فيها من أفراح وأحزان، نجاحات ومعاناة.
وتحمل قصائد العيطة طابعًا جماعيًا، إذ غالبًا ما تُغنّى في الأعراس والمواسم والمناسبات الكبرى، حيث يلتف الناس حول “الشيخات” و”الشيوخ” الذين يتقنون أداءها بإيقاعات مميزة تعتمد على آلات تقليدية كالطعريجة والغيطة والدفوف. وتتحول هذه الجلسات إلى فضاءات احتفالية يتداخل فيها الغناء بالرقص الجماعي، خاصة رقصات “الكدرة” و”السهراوية”، مما يضفي على الأعراس نكهة خاصة لا تخلو من الحماس والفرح والاعتزاز بالانتماء.
ولا تقتصر الثقافة الشفوية عند أولاد مطاع على العيطة وحدها، بل تشمل أيضًا الأمثال الشعبية التي تختزل حكمة الأجداد وتستعمل لتقويم السلوك أو للتعبير عن المواقف اليومية، إضافة إلى الحكايات والأساطير التي تُروى للأطفال في الليالي الطويلة، لتغرس فيهم القيم الأخلاقية وتربطهم بالموروث المحلي. كما ينتشر بينهم الشعر الملحون، وهو لون شعري موسيقي له جذور عميقة في المغرب، يعبّر عن قضايا الحب والحنين والغربة وأيضًا عن هموم الفلاحين ومشاق الحياة.
إن حضور هذه الفنون في الأعراس والمواسم لا يقتصر على الترفيه، بل يشكّل أيضًا وسيلة لحفظ التاريخ الشفهي ونقل الذاكرة الجماعية من جيل إلى جيل، حيث تظل الأغاني والقصائد مرجعًا حيًا لتجارب الناس ومعاناتهم وأحلامهم. وبذلك، فإن الثقافة الشفوية عند أولاد مطاع ليست مجرد ترف ثقافي، بل هي أسلوب حياة يعكس حيوية المجتمع المحلي وعمق ارتباطه بموروثه، ويؤكد على أن الهوية الثقافية لا تزال راسخة رغم التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها المنطقة .
منقول
