آخر الأخبار

اليسار الأعمى و خسارة الانتماء إلى الوطن

إدريس الأندلسي

يتباهى بعض ممن لم يعرفوا أن اليسار شكل جزءا من تاريخ الوطن المغربي، و أنه كان من طلائع الدفاع عن وحدة الوطن ، و صارع من أجل أن تعترف إسبانيا و فرنسا بما اقترفتاه من أفعال لتشويه التاريخ و الجغرافيا المغربية، بأن قرار مجلس الأمن الأخير لن يصمد أمام هجوم أعداء وحدتنا الترابية . و سكت بعض المتطرفين، الذين أرادوا أن يبنوا زاوية ماركسية لينينية بطقوس لا تنفى تحالفا موضوعيا مع كل الزوايا، و مع كل الطرق، شبه الصوفية، التي تخدم الانفصال ، و التي تتخذ من الجزائر مقرا لمعاداة المغرب.
أطرح السؤال على انفصالي الداخل، الذين لا زالوا يظنون أنهم جزء من اليسار المغربي الأصيل، و اقول لهم أنكم نصبتم لأنفسكم محكمة لن تصدر حكما بسجنكم ، و لكنها ستصدر في حقكم تقييما لجهلكم بالتاريخ، و ستفضح دوركم الحقير في التنكر لبلدكم و وحدته التي تشهد عليها الوثيقة التاريخية. كتب بعض منظري حركة إلى الأمام، أن قيام البوليساريو سيتيح تحويل الصحراء إلى ” بؤرة ثورية”. ركبوا موجة حلم بعض التافهين و التائهين، و قادهم النظام الجزائري إلى خيانة وطن. و حين فطن بعضهم، و خصوصا رئيسهم، الوالي مصطفى السيد، قرر عسكر الجزائر اغتياله ببرودة دم. و اغتال كثيرا ممن تأكد لديهم أن ليبيا القذافي، و جزائر بومدين، لا يهمهما سوى تفكيك المغرب، و ليس تمكين بعض الشباب من تملك القرار السياسي، و لو في مخيم تندوف.
يتباكى قلة من يساريي خيانة الوطن على ما حققه المغرب من انتصارات دبلوماسية. يحاولون التشويش على انتشاء المغاربة بحكمة كثير من دول العالم، فيجدون في بعض أبناء جلدتهم أكثر التعبيرات حقدا على نجاحات الوطن. لا نهجا إلا نهج الدفاع عن وحدة الوطن. و لا ديمقراطية غير ديمقراطية الوفاء للوطن. كن نهجا، أو حزبا، أو كن تيارا عابرا للأوهام، فلن تنال من التحام المغاربة بوطنهم قيد انملة. أن تتحالف مع العدو ،فهذا يضعك في قلب مناورة الكابرانات، و سيعري من يغديك بسم معاداة المغرب الموحد، كل مكونات ما راكمته من إكراميات تمكنت من صنع البلاغات ضد المغاربة.
يسعد المغاربة الحقيقيين أن يفتضح أمر أعدائهم الذين يخلطون بين النضال المجتمعي و السياسي، و بين معاداة وحدة الوطن، و خدمة اجندات مخابرات خارجية، كريمة العطايا، لمن يتقن آليات ربط أزمة إجتماعية، بخدمة آمر بزعزعة استقرار وطن، و السعي إلى النيل من نجاحاته الدبلوماسية. اليسار قيم إنسانية لا تخدم غير المواطن في وطنه الموحد، و ليس ” نضالا” يؤدي إلى الارتماء في حضن مخابرات دول دكتاتورية. و أقول لهذا الصنف من أشباه المناضلين، لقد سلكتم طريق الانتحار الايديولوجي، و كفرتم بالوطن. و سيظل المخلصون يناضلون ضد اقتصاد الريع، و ضد ناهبي خيرات الوطن، و سيواصلون نضالهم ضد الفساد ، و العمل على تحصين الوطن ضد كل من يعادي تقدم البلاد و المحافظة على وحدتها. و هذه الوحدة ستظل مقدسة، و شوكة في حلق كل الأعداء. و على كل من ضايقه المغرب بانتصاراته أن يختار النهج الذي يحلو له في أرض ألله الواسعة. و أجزم بأن ثقافة و تعبيرات أهلنا في منطقة ادرار التي تم احتلالها من طرف ” الجزائر الفرنسية ” ،هي أقرب لكل اهازيج مدينة مراكش ، و موسيقى الراشيدية و كل قرى و مدن وادي دادس من الأطلس الكبير، بمحاذاة ورزازات ،الى الريصاني. و أدعو اميي الماركسية إلى دراسة واقع التعبيرات الثقافية في المنطقة للتأكد من حقيقة الحدود الجغرافية و السياسية. و لكل هذا لا يمكن اعتبار كل معاد لوحدة المغرب إلا حفيدا وفيا لجده الذي أقسم أن تظل عائلته وفية للإستعمار و كل تبعاته. أما التياسر فسيظل، في هذه الحالة، غباء و خيانة.