آخر الأخبار

المهاجرون الأفارقة بالمغرب… بين كرم الضيافة وفوضى الدولة

المغرب، بلد مضياف منذ قرون، معروف بكرم شعبه وانفتاحه، ولم يرفض يومًا المحتاجين ولا الغريب العابر. لكن اليوم، هذا الوجه الحضاري يتصدع أمام سياسة حكومية عاجزة وفوضى متفاقمة.

ما شهدته عين حرودة خلال الساعات الأخيرة كان جريمة انتقامية راح ضحيتها ثلاثة مهاجرين، وفق المصادر المحلية، ويبدو أن أسبابها مرتبطة بخلافات قبلية داخل المهاجرين أنفسهم. التدخل الرسمي جاء بعد فوات الأوان، ليؤكد هشاشة الدولة وغياب أي استراتيجية واضحة لمواجهة الوضع.

في المقابل، المواطن المغربي يعيش واقعًا مريرًا: بطالة خانقة، غلاء معيشة، تردي الخدمات الصحية والتعليمية، وسكن غير لائق، فيما تتحول شوارع مدنه إلى مسرح لأزمات مركبة: مهاجرون بلا وثائق يتجولون، يمارسون التسول، أحيانًا يشاركون في جرائم صغيرة، ويتكتلون في الشوارع.

القانون 02-03 المنظم لدخول وإقامة الأجانب والهجرة غير الشرعية، الصادر سنة 2003، أصبح اليوم عديم الفعالية. لم يعد يوفر حلولًا لواقع الهجرة المعقد، ولا يوازن بين الضمانات الإنسانية للمهاجرين وحق المغاربة في الأمن والاستقرار. آن الأوان لإعادة تعديله بشكل جذري.

الأزمة اليوم ليست محلية فقط، بل مرتبطة أيضًا بالضغط الأوروبي على المغرب ليصبح “دركي أوروبا”، يتحمل وحده عبء المهاجرين غير النظاميين، بينما المواطن المغربي يدفع الثمن يوميًا. الشعارات الفارغة عن “التضامن الإنساني” و”الاندماج” لا تساوي شيئًا أمام فوضى الشوارع وغياب مراقبة الأحياء.

المغرب لا يرفض المهاجرين، لكنه يرفض العبث والفوضى وانعدام الدولة. الضيافة لا تعني السماح بتحويل المدن إلى بؤر اجتماعية خطرة، ولا يمكن للضعف المؤسساتي أن يكون مبررًا لموت الأبرياء أو ارتكاب الجرائم.

إن الحكومة مطالبة فورًا بتحمل مسؤوليتها: ضبط الوضع، تنظيم الهجرة، حماية المجتمع، وإعادة النظر في القانون 02-03 بما يوازن بين الأمن الوطني والواجب الإنساني. وإلا فإن انفجارًا اجتماعيًا قادمًا سيكون فيه المهاجرون ضحايا الفراغ المؤسسي، والمغاربة ضحايا تقاعس السلطة، في مفارقة مؤلمة يصعب تجاوزها.