22149
4/3 الشاعر محمد بلكبير وامتحان من طرف أشياخ فاس
يعد الراحل محمد بلكبير من أقطاب فن الملحون وأحد ابرز منشديه إلى جانب أسماء أخرى مثل الراحل الحاج الحسين التولالي وعبد الكريم كنون وأحمد سهوم وعبد العزيز بوستة وأخوه محمد بوستة وقزبور بن حمان ومحمد بن رحال والحسين الغزالي ومحمد سويطة وغيرهم.
كما اشتهر بأدائه أروع قصائد الملحون مثل “سرابة المحبوب”، “قصيدة المحبوب”، “سيدي يارسول الله”، “سرابة لاحلوم”، كل للاحلوم”.
خلال إقامته بالمدينة العتيقة لفاس عندما كان يدرس بجامع القروين، تعرض الشاعر محمد بلكبير لامتحان من طرف أشياخ فاس كعادتهم مع كل شاعر يزور مدينتهم أو استوطنها.
وكان الشيخ محمد النجار، تعرض في القرن الثامن عشر لهذا الامتحان، حيث انتقل إلى مدينة فاس وجالس أشياخها فامتحنوه ولما علموا فضله وشاعريته نصبوه عليهم “شيخا” وهذه هي ميزة شيخ الأشياخ في تاريخهم الملحون، حيث ينتخب شعراء الملحون أجودهم شعرا وأحسنهم خلقا وأكثرهم مروءة، كما تعرض لهذا الامتحان الحاج أحمد الكندوز، الرباطي أصلا، فنجح في الامتحان وانتخب شيخ الأشياخ.
امتحان الشاعر محمد بلكبير كان مبتدئا باستفزاز، حيث علق على إنشاد قصيدة معروفة للسي التهامي، لعلها إحدى “فوارحه” بقوله رحم الله السي التهامي، وكان بين الحاضرين شاعر ضرير فسألهم من نسب هذه القصيدة إلى السي التهامي، فتصدى له الشيخ بلكبير بقوله أنا، فقال له الشاعر الضرير، وهل أنت ممن يميزون بين الشعر والشعراء، فتارت ثائرة الشاعر الدرعي محمد بلكبير، فصب جام غضبه على الشاعر السائل، وتم الاتفاق على مبارزة شعرية بين الطرفين في يوم يقدم كل منهما قصيدته أمام الملأ ويبقى الحكم للحاضرين.
في اليوم المحدد من شهر ذي الحجة من سنة 1340 هجرية الموافق لسنة 1920 ميلادية، حضر الشاعر محمد بلكبير ولم يحضر الشاعر الضرير، فقرأ بلكبير قصيدته واكتفى الحاضرون بتسجيل الواقعة دون أن ينصبوا عليهم الشاعر محمد بلكبير شيخا لأنه لم يكن مقيما دائما بمدينة فاس.
كانت القصيدة التي تلاها بلكبير عبارة عن تنقيص من غريمه الشاعر الضرير وفي بعض أقسامها يقول:
بعد امتحانك ××× وسط الشيخ معاك أنا نباشرو
نعرف بعدا غير كيف داير ××× هذا الفهم الذي ادعيتي على لشعار
وتضمن ثمانية أقسام في ثلاثة وأربعين بيثا يختمها بقوله:
خذ لمقراعك ××× سيف عبسي فيد عنترا مدخرو
يبهز به أمثالك الفاجر ××× بالهيبا للجيوش يكسر ضربوبتار
وللي جاسا لك ××× عن شجيعك بالواجب قم خبرو
بالاسم لفضيل قل جاهر ××× محمد ما خفا بلكبير العيار