المغرب على أعتاب تحول رقمي جذري في مجال التخليص الجمركي، مع اعتماد تقنية البلوكشين التي ستعيد تعريف طريقة تبادل الوثائق التجارية بين الموردين والجمارك. هذه التقنية لا تقتصر على مجرد تحديث رقمي، بل توفر أداة قوية للشفافية والأمان وسرعة المعاملات.
الفكرة الأساسية تعتمد على دفتر رقمي موزع تشارك فيه جميع الأطراف المعنية: المورد الأجنبي، الشركة المستوردة، وإدارة الجمارك. هذا الدفتر ليس مخزنًا في مكان واحد، بل يُنسخ على عدة حواسيب متصلة، بحيث يسجل كل تعديل بشكل دائم ولا يمكن حذفه أو تغييره.
في التطبيق العملي، تبدأ العملية عندما يقوم المورد الأجنبي بتحميل الفاتورة والوثائق التجارية على المنصة الرقمية. بعد ذلك، يتحقق النظام تلقائيًا من هوية المورد وصحة الوثائق عبر رموز مشفرة، قبل أن تصل مباشرة إلى إدارة الجمارك المغربية، دون الحاجة لأي نسخ ورقية أو انتظار البريد.
كل خطوة تُسجل في قاعدة بيانات مؤمنة، ما يضمن أن أي محاولة للتلاعب أو التعديل ستكون مستحيلة. بهذه الطريقة، تصبح كل وثيقة تجارية شفافة، قابلة للتتبع، وآمنة، ما يقلل من احتمالات الغش، ويسرع عملية التخليص، ويوفر للشركات الوقت والتكاليف.
مشروع قانون المالية لسنة 2026 لا يقترح مجرد تحديث تقني، بل يفتح الباب أمام ثورة في إدارة المعاملات التجارية. البلوكشين في الجمارك ليس رفاهية رقمية، بل ضرورة استراتيجية لحماية الاقتصاد الوطني، وتسريع التبادلات، وإدخال المغرب فعليًا في عصر “الشفافية الذكية”.