آخر الأخبار

المغرب و قمة البريكس

محمد نجيب كومينة 

َكنت في حيرة مند ان كشفت جنوب افريقيا، المستقبلة لقمة البريكس القادمة، عن الدول الراغبة في الالتحاق بهذا التجمع العالمي الناشئ والهادف الى خلق توازن مع مجموعة السبع الغربية بقيادة الولايات المتحدة.
حيرتي جاءت نتيجة شعوري بانه اذا كانت الحكومة المغربية قد تقدمت فعلا بطلب للالتحاق بهذا التجمع، الذي لا يشكل الى الان منظمة دولية و حتى اسمه المتداول اختارته له المؤسسة المالية الامريكية غولدمان ساكس و ليس مؤسسوه، فانها قد قامت بخطوة غير محسوبة.
وبغض النظر عما اذا كان المغرب يستوفي الشروط المطلوبة للالتحاق بهذا التجمع او لا يستوفيها، وهو الى الان لم يصل بعد الى مصاف دولة صاعدة بكل موضوعية، فانه لا يتبين ان للبلد مصلحة يجنيها من الاصطفاف ضد دول الغرب والالتحاق بهكذا تحالف، سواء سياسيا او اقتصاديا او جيوسياسيا، بل ان مصلحته تتحقق في ابقائه على علاقات مفتوحة وجيدة مع الجميع و في اتخاذ مواقف لفائدة عالم بلا قطائع ولا تخندقات و لفائدة الابقاء على نظام دولي واحد وجامع، تؤطره هيئة الامم المتحدة، لتجنب الانجرار الى صراعات شبيهة بتلك التي ادت الى نهاية فترة سلم طويلة ونشوب الحرب العالمية الاولى في اوروبا، وبعدها تلك التي ادت الى فشل عصبة الامم و نشوب الحرب العالمية الثانية في اوروبا ايضا، خصوصا وان العالم اليوم يعرف ترابطا وتشابكا للمصالح اكثر من اي وقت مضى، ويحتاج بالتاكيد الى تقوية نظام دولي متعدد الاطراف و مراعاة التوازنات الناشئة بعد العولمة و صعود قوى جديدة خارج الغرب، لضمان قيادة حكيمة للعالم تنحو نحو السلم والتعاون و ليس الى النزاع والانقسام اللذان نعرف درجة خطورتهما اليوم.
و اضيف الى ماسبق، ان المغرب اذا كان يسعى بشكل سيادي الى تنويع شراكاته و علاقاته بهدف خدمة مصالحه الوطنية، وفي مقدمتها وحدته الترابية، و لجلب الاستثمار الدولي وتقوية امكانيات خلق الثروة والتنمية، فانه يبقى الى الان، وفي الزمن المنظور، مرتبطا بالمنظومة الغربية اقتصاديا وامنيا و جيوسياسيا، بل انه يعتبر الوحيد افريقيا ومند زمن بعيد الذي تم اذماجه في المجموعة الامنية الاطلسية ( التي لا تطابق الحلف الاطلسي ) la communauté de sécurité Atlantique حسب الباحث والمنظر كارل دويتش، وسيكون من باب الحمق السعي الى مواقع مضادة.
لذلك، فان التوضيحات الصادرة عن مصادر ماذونة بوزارة الخارجية والتعاون والجالية المقيمة بالخارج التي عممتها وكالة الانباء المغرب العربي الرسمية، تكتسي اهميتها من كونها تؤكد ان المغرب لا يعبث كما يعبث البعض عندما يتعلق الامر بموقف دولي شديد الحساسية، اذ اكدت ان الحكومة المغربية لم تتقدم باي طلب لاي جهة لنيل عضوية البريكس، و لم تكن تنوي الحضور باي شكل من الاشكال في القمة المرتقبة بجنوب افريقيا، الدولة التي لا تتردد في اتخاذ مواقف عدائية ضد المغرب و لا تفوت فرصة لتقديم خدماتها للنظام الجزائري وكراكيزه، والتي يبدو انها باعلانها الكاذب عن طلب المغرب الالتحاق بالبريكس ترغب في نصب فخ و ايجاذ مخرج لعساكر الجزائر و دميتهم الذين كانوا يراهنون على الالتحاق بهذا التجمع، الذي يجمع دول ناجحة، لاستغلاله في دعايتهم الداخلية البئيسة والتغطية على فشلهم الدريع في توفير اساسيات للمواطن الجزائري الغارق في الطوابير والحرمان، و ايضا للحصول على حماية ان امكن لنظام متهالك يجيد السرقة وهدر اموال الشعب الجزائري في وقت تواجهه فيه مخاطر كثيرة، وطلب تبون للحماية الروسية بشكل غبي ومدل كان بمتابة فضح لشعور قائم لدى نظام مهزوز داخليا و دوليا.
لابد من الاشارة الى ان الرئيس الجزائري بحديثه المجنون عن الخروج من الدولار والاورو، بينما تعتمد الجزائر كليا تقريبا على عائدات المحروقات التي تتم معاملاتها بالدولار بشكل شبه كلي، قد اوحى ان تجمع البريكس يتجه نحو القطيعة مع الولايات المتحدة واوربا وعملتيهما، و هو مالا يمكن ان يخطر الا على بال جاهل او مجنون، لان الاسواق الرئيسية لدول البريكس، خارج اسواقها الداخلية، هي الاسواق الامريكية والاوروبية و الى هذه الاسواق تصدر فوائض تجارية و استثمارات ضخمة، جزء غير يسير منها يوظف في سندات الخزينة الامريكية، كما ان دول البريكس واعية بان الروابط العالمية حاليا تتسم بتشابك المصالح و باستحالة حدوث قطائع، ومايبحث عنه تجمع البريكس هو نفسه ما بحثت عنه اوروبا مند تاسيس المجموعة الاقتصادية الاوروبية التي تطورت وتوسعت لتصل الى الاتحاد الاوروبي الحالي و اطلاق عملة موحدة، اي خلق نوع من التوازن مع الولايات المتحدة، مع مراعاة ان البريكس يستحيل ان يتحول الى اتاحاد شبيه بالاتحاد الاوروبي ويستحيل ايضا ان يعتمد عملة موحدة بديلة للعملات الوطنية او ان يخرج من البنك العالمي وصندوق النقذ الدولي او بنك التسويات العالمي BRI او غيرها من المنظمات المالية والنقذية الدولية، او ان يتحول الى تحالف سياسي او ايديولوجي ضد الغرب شبيه بالمنظومة الشرقية السوفياتية السابقة، لان بين مكونات البريكس اختلافات كبرى وحتى صراعات، كما هو الشان بالنسبة للصين والهند، ولذلك قلت في البداية انه تجمع هش، و لا شئ لحد الان يرشحه للنجاح.