في خضم أزمة متفاقمة تهدد استقرار المنظومة التربوية الوطنية، أطلقت نقابة المتصرفين التربويين صفارة إنذار جديدة، محمّلة وزارة التربية الوطنية مسؤولية ما وصفته بـ”الانتكاسة الخطيرة” التي يعرفها قطاع التعليم بسبب غياب الجدية في الإصلاح والتنصل من الالتزامات السابقة.
وأكد المكتب الوطني لنقابة المتصرفين التربويين، في بيان ناري أعقب اجتماعه الأخير، أن السياسات المتبعة من طرف الوزارة باتت تهدد بشكل مباشر مصلحة التلميذات والتلاميذ وتنسف كل المكتسبات التي جاءت بها خارطة الطريق الإصلاحية، وفي مقدمتها مشروع “مؤسسات الريادة”، وسط حالة من الاستياء والتذمر في أوساط الشغيلة التعليمية.
وأضاف البلاغ أن الوزارة اختارت منطق الإقصاء والتهميش، من خلال تغييب المتصرفين التربويين عن مسلسل إعداد النصوص التنظيمية المرتبطة بالنظام الأساسي الجديد، ضاربة بعرض الحائط مبدأ الشراكة والتفاوض الجاد، في مؤشر خطير على غياب إرادة الإصلاح الحقيقية، وترسيخ سياسة الارتجال والتخبط في تدبير الملفات الكبرى للقطاع.
وأشاد المكتب الوطني في ذات السياق بصمود المتصرفات والمتصرفين التربويين وانخراطهم الوازن في مختلف الأشكال النضالية دفاعاً عن كرامتهم وحقوقهم المشروعة، معتبراً أن هذه المعركة النضالية كشفت حجم “الارتباك الخطير الذي يطبع عمل الوزارة وهياكلها، ويعكس عجزها عن تنزيل مشاريعها الإصلاحية التي تحولت إلى شعارات للاستهلاك الإعلامي فقط”.
ولم يفت النقابة التنديد بما اعتبرته “الصمت المريب” للمسؤول الأول عن القطاع، محذّرة من تداعيات هذا التجاهل على مستقبل المدرسة العمومية، ومستنكرة في الآن ذاته “أساليب الضغط والابتزاز التي يلجأ إليها بعض المسؤولين الإقليميين في عدد من المديريات لإجهاض البرنامج النضالي المشروع، في محاولة يائسة لترهيب المناضلين وثنيهم عن مواصلة معركتهم”.
وفي خطوة تصعيدية لافتة، أعلنت النقابة استمرار مقاطعة مشروع المؤسسة المندمج ومؤسسات الريادة، وتعليق جميع الأنشطة المرتبطة بجمعية دعم مدرسة النجاح، مع التهديد بتقديم استقالات جماعية من الجمعية، والمضي في كافة الأشكال التصعيدية إلى حين تحقيق كافة المطالب، وفي مقدمتها إخراج نظام أساسي خاص بالمتصرفين التربويين، تنفيذاً لتوصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين.
كما شددت النقابة على أن المتصرف التربوي يشكل “القلب النابض للمدرسة العمومية”، بمساهماته المحورية في إنجاح كل مشاريع الإصلاح وتجويد الخدمات التربوية، محمّلة الحكومة مسؤولية التدخل العاجل لإيقاف “نزيف الفشل الذي بات ينذر بانفجار الوضع التعليمي في ظل الاحتقان المتزايد وانعدام الثقة في مسار الإصلاح”.
وفي ختام بيانها، أكدت النقابة تجديد العهد على مواصلة درب النضال حتى انتزاع الحقوق كاملة، مؤكدة أن “كرامة المتصرف التربوي ليست موضوعاً للتفاوض أو التنازل”، في رسالة واضحة تنذر بمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة إذا استمرت الوزارة في سياسة الآذان الصماء.