آخر الأخبار

اللّبيرالية أو هل يُمكن لبورجوازيتنا إنتاج قيَم إنسانية ؟ أو عندما يكون فاقد الشيء لا يعطيه !

اللّبيرالية أو هل يُمكن لبورجوازيتنا إنتاج قيَم إنسانية ؟ أو عندما يكون فاقد الشيء لا يعطيه !

حسن الرحيبي 

لقد ظهرت البورجوازية في أوروبا في القرن السادس عشر ، في نطاق مدن صَغيرة صَاعدة ، إهتم قاطنوها بالتجارة البعيدة المدى والصناعات العائلية الأولى les manifactures . في النسيج والتعدين وغيره . مما جعلها تكون رؤوس أموال بدائية إستثمرتها في الصّناعات الثقيلة ، وتوسيع نشاطها خارج أوروبا ، فيما سمي بالإمبريالية . والإستعمار ، والسيطرة على الدولة ونظام الحكم والقضَاء على الإقطاع اقتصَادياً ومالياً . بسبب عدم قدرته على المنافسة ، وتقادم قيمه وإمكانياته الفكرية والسياسية والدينية . فظهرت الثورات الأوروبية خاصة في إنجلترا ثم فرنسا . وتكوين دول قوية بعد القضاء على الحكومات والدوقيات المرتبطة بالكنيسة والإقطاع . مع ظهور قيم جديدة في المبادرة والعمل والحريات وحقوق الإنسان والديموقراطية ، والتعددية الثقافية والسياسية والفكرية بواسطة الأحزاب والجمعيات التعليمية ، مع إصلاح منظومة التعليم ، وفصل الدين عن الدولة وغيرها من القيم التي تأثرت بها بلدان إفريقيا وآسيا والعرب . لتظهر لدينا بورجوازية ، تدعي نفس القيم ، كالعقلانية والحداثة والمعاصرة . لكنها في حقيقتها إنبثقت من رحم الإستعمار نفسه ، أو إعتمدت على ريع الدولة la rente . مما جعلها طبقة هجينة وطفيلية ، تستغل مقدرات الدولة ، وولاءها للنظام المخزني ، كما تؤمن بالعلاقات الزبونية والمحسوبية والعلاقات القبَلية والعرقية. مع عدم التحرر من الفكر الديني التقليدي أو ما يُسمى عندهم بالأصالة إلى جانب الحداثة والمعاصرة . لكنها لا تساهم في تحديث الدولة وأنظمتها لأنها متخلفة ، وبعيدة عن قيم العمل والمبادرة والإيمان بحقوق الإنسان . مما جعلها طبقة غير مواطنة مثل بورجوازية اليابان التي ينتحر فيها كل مسؤول عندما يذنب ويسيء لوطنه . بينما تعمل بورجوازيتنا على إستغلال المواطنين أبشع إستغلال في بيع المواد البترولية والمواد الصيدلية والصحية والمدارس الخصوصية . والمناجم المعدنية ومقالع الرمال وغيرها . مع العمل على تهريب الأموال للخارج ، وعدم الإستثمار في القطاعات المنتجة خوفاً من المغامرة والنقابات . كما أن سلوكها وثقافتها متخلفة ، إذ لا تؤمن بقيم التدبير وترشيد الإستهلاك ، بل تنجرّ لقيم أرستقراطية تقليدية تقوم على الإسراف والتبذير ، والمظاهر مثل الأعراس والتظاهر بالتدين وبناء المساجد الفاخرة . في وقت طلقت فيه بورجوازية أوروبا الكنيسة والإيمان الديني . بل حاربته بعنف وقوة . في الثقافة والتعليم والمسرح والسينما .
لهذا ظلت بورجوازيتنا متخلفة ، وتتقوى بريع وسلطة المخزن التي هي بدورها تخلط بين التقليد والحداثة . ولا تستطيع التخلص من جذورها الدينية القديمة . وهو ما يجعل من أي إصلاح سياسي في المَغرب من سابع المستحيلات . بسبب تداخل القيم والمؤسسات ، إلى درجة أن الإصلاَح نفسه يحتاج لمن يصلحه . وحتى الثورات العربية والربيع العربي لن يكون سوى خريف ، بسبب إفتقاده لكل مقومات روح العصر السياسية والفكرية . . وهكذا تركّز إهتمام المصلحين بالزواج والتعدد والمرأة ليس بمعناها التقدمي والتحرري ، والمشاركة في الإنتاج والتنمية ، بل فقط في مجال الجنس والسيطرة الذكورية ، وكل أسباب التأخر !

مَلحُوظة :

كُتب المقال قبل الحكومة الحالية ومستجدات غياب العدالة الاجتماعية والمجالية ، والسير بسرعتين ، والاقتراب من فكرة المَغرب النافع والمَغرب غير النافع التي سنها الاستعمار ، كما سن فكرة ربط التنمية بنزول الأمطار كما فعل ليوطي حين قال :

au Maroc pouvoir c’est pleuvoir !