مع انطلاق العرس الإفريقي، الحدث الكروي الذي كان من المفترض أن يُبرز صورة المغرب الحديثة والمنظمة، وجد زوار مدينة مراكش وساكنتها أنفسهم أمام مشهد صادم لا يليق بمدينة عالمية ولا بموعد قاري بحجم كأس إفريقيا للأمم.
فقد تحوّل شارع علال الفاسي، أحد الشرايين الحيوية المؤدية إلى الملعب، إلى ما يشبه شوارع قندهار إبّان القصف الأمريكي على أفغانستان: خنادق مفتوحة، ممرات مرتجلة فوق الحفر، وغياب تام لشروط السلامة.
مشهد يهدد السلامة العامة
الخطر لا يقتصر على تشويه المنظر الحضري، بل يتعداه إلى تهديد مباشر لسلامة المواطنين، خصوصًا كبار السن، ذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال. ممرات ضيقة وغير محمية، حفر عميقة بلا إشارات واضحة، وأشغال متعثرة تُنجز في توقيت غير مفهوم، وكأن المدينة لا تستعد لاستقبال آلاف الزوار من داخل المغرب وخارجه.
الكان كان معروفًا… فأين التخطيط؟
الأكثر إثارة للاستغراب أن موعد الكان لم يكن مفاجئًا. فقد كان معروفًا منذ سنوات، ما يطرح سؤالًا مشروعًا:
لماذا لم يتحرك المجلس الجماعي لإنهاء الأشغال قبل حلول هذا الحدث القاري؟
أين هو التخطيط الاستباقي؟ وأين هي برمجة الأشغال بما يضمن احترام الآجال وتفادي العبث في اللحظات الأخيرة؟
غياب العمدة… وصمت غير مبرر
وسط هذا المشهد المرتبك، يبرز الغياب اللافت لعمدة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري. فلا حضور ميداني، ولا تواصل يشرح للساكنة والزوار أسباب هذا التأخر، ولا حتى اعتذار يخفف من وقع الفوضى.
غيابٌ يطرح أكثر من علامة استفهام حول من يتحمل المسؤولية السياسية والتدبيرية لما آلت إليه أوضاع شوارع رئيسية يفترض أنها واجهة المدينة خلال أكبر تظاهرة رياضية إفريقية.
صورة المدينة على المحك
مراكش، التي راكمت عبر السنين سمعة عالمية كوجهة سياحية وثقافية ورياضية، تجد نفسها اليوم أمام امتحان حقيقي. فصورة المدينة لا تُقاس فقط بجمال ملاعبها أو فخامة فنادقها، بل بمدى احترامها للفضاء العام وكرامة مواطنيها وضيوفها.
ختاما
بين “كان” يُفترض أن يكون عرسًا إفريقيًا، وواقع طرقات يُشبه مناطق النزاع، يبقى السؤال معلقًا:
هل هكذا تستقبل مراكش زوارها؟
وهل سيُفتح نقاش حقيقي حول ربط المسؤولية بالمحاسبة، أم أن شوارع “قندهار” ستظل قدرًا يتكرر مع كل موعد كبير؟
