اليوم، 14 ماي، ذكرى تأسيس القوات المسلحة الملكية المغربية: سجل حافل بالعزة والتضحيات
في مثل هذا اليوم من عام 1956، تأسست القوات المسلحة الملكية المغربية لتكون الدرع الحصين الذي يحمي وحدة المغرب وسيادته، وترسخ كركيزة أساسية في بناء الدولة الحديثة. منذ ذلك الحين، سجلت هذه المؤسسة الوطنية ملاحم بطولية ومحطات تاريخية عظيمة على الصعيدين الوطني والدولي، مما جعلها رمزًا للقوة الوطنية والوفاء للوطن.
دور الملوك في تأسيس وتطوير الجيش المغربي
كان جلالة الملك محمد الخامس – رحمه الله – المؤسس الحقيقي للقوات المسلحة الملكية، حيث أرسى الأسس الوطنية لجيش مغربي موحد ومستقل بعد الاستقلال، مؤكدًا على ضرورة وجود قوة تحمي السيادة وتدافع عن وحدة الوطن.
تابع جلالة الملك الحسن الثاني – رحمه الله – مسيرة بناء الجيش المغربي، معززًا مكانته ودوره في مختلف محطات تاريخ المغرب، خصوصًا خلال حرب أكتوبر 1973، والمسيرة الخضراء، وحرب الصحراء. شهدت القوات المسلحة تحت قيادته تطويرًا في البنية التحتية والقدرات القتالية.
واليوم، يقود جلالة الملك محمد السادس، تطويرًا شاملاً للقوات المسلحة الملكية، مع اهتمام خاص برفاهية الجنود والضباط، وتعزيز الروح المعنوية والاجتماعية لهم عبر تحسين الظروف المعيشية والاجتماعية. كما أطلق مشاريع استراتيجية لتحديث الجيش، شملت انطلاقة صناعة الأسلحة محليًا، مما ساهم في تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز الاكتفاء الذاتي في المجال العسكري.
تأسيس الجيش المغربي وبداية المسيرة
بعد نيل المغرب استقلاله، تم تأسيس القوات المسلحة الملكية في 14 ماي 1956، لتشكل العمود الفقري للأمن الوطني. بدأ الجيش المغربي بتشكيل وحداته الأولى عبر دمج الجنود المغاربة السابقين في الجيوش الاستعمارية مع متطوعين مغاربة، وركز على تأهيل كوادر قادرة على حماية الوطن والمشاركة في بناء دولة قوية.
حرب هضبة الجولان (1973)
كان للجيش المغربي حضور ميداني مشرف في حرب أكتوبر 1973، حينما أرسل لواءً من قواته للقتال إلى جانب الجيش السوري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي على هضبة الجولان. جسّد هذا الموقف التضامن العربي وحرص المغرب على الدفاع عن القضايا العربية الكبرى، مقدماً تضحيات كبيرة عبر جنود مغاربة أبطال قاتلوا ببسالة.
المسيرة الخضراء (1975)
شكلت المسيرة الخضراء نقطة تحول حاسمة في تاريخ المغرب، حيث شاركت القوات المسلحة الملكية في تأمين نجاح هذه المبادرة السلمية لاسترجاع الصحراء المغربية. تحولت القوات المسلحة من قوة قتالية إلى رمز للوطنية والسلام، مما أسهم في ترسيخ وحدة التراب الوطني.
حرب الصحراء وتأمين الحدود الجنوبية
منذ اندلاع النزاع في الصحراء، ظلت القوات المسلحة الملكية في طليعة المدافعين عن وحدة المغرب الترابية. وقد قامت بحملات عسكرية وتحركات استراتيجية للرد على التهديدات الأمنية، مظهرة انضباطًا عالياً واحترافية في التعامل مع الحرب غير المتكافئة التي فرضتها ميليشيات البوليساريو.
مهام حفظ السلام الدولية
تمتد جهود القوات المسلحة الملكية إلى خارج الحدود المغربية من خلال مشاركتها الفاعلة في مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. فقد شارك المغرب بفعالية في بعثات في مناطق نزاع عدة، أبرزها:
الكونغو الديمقراطية: حيث شاركت القوات المغربية في بعثة MONUC، مسهمة في حماية المدنيين ودعم الاستقرار في واحدة من أكثر مناطق النزاع تعقيدًا.
كوت ديفوار: في بعثة UNOCI، دعمت القوات المغربية جهود وقف إطلاق النار وتعزيز الأمن في أعقاب النزاعات الأهلية.
هايتي: شاركت القوات المغربية في بعثة MINUSTAH، مساهمة في إعادة الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى: حيث ساهمت في بعثات الأمم المتحدة للحفاظ على السلم في مناطق مضطربة.
تميزت هذه المشاركات بانضباط عالٍ واحترام صارم لحقوق الإنسان، مما أكسب القوات المسلحة الملكية سمعة دولية طيبة وأكد التزام المغرب بمبادئ السلام والتضامن الدولي.
تأمين معبر الكركارات (2020)
في نوفمبر 2020، نفذت القوات المسلحة الملكية عملية دقيقة ومنظمة لتأمين معبر الكركارات، بعد إغلاقه من قبل ميليشيات البوليساريو، مما أعاق حركة التجارة والعبور بين المغرب وموريتانيا. تم استعادة النظام دون إطلاق رصاص، مما أكّد احترافية الجيش المغربي وحكمته في التعامل مع الأزمات.
تطوير القوات وتحديثها
تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، شهدت القوات المسلحة الملكية تحديثًا شاملاً، سواء من حيث التجهيزات العسكرية، أو التدريب، أو الاستراتيجيات الدفاعية، مما جعلها من بين الجيوش الأكثر تطورًا في المنطقة، وقادرة على مواجهة تحديات الأمن الإقليمي والدولي. وقد رافق هذا التطور اهتمام واضح بالجانب الاجتماعي للعسكر، حيث تم تحسين أوضاعهم المعيشية ورفع مكانتهم الاجتماعية، بالإضافة إلى انطلاق صناعة الأسلحة المحلية لتقوية القدرات الدفاعية الذاتية.
وبهذه المناسبة السعيدة نرفع أسمى آيات الفخر والاعتزاز إلى صاحب الجلالة القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية
ولقواتنا الباسلة حماة الوطن ورجاله الأوفياء الذين يضحون بالغالي والنفيس في سبيل حماية حدود المغرب وصون سيادته. أنتم الدرع الحصين الذي يحمي أرضنا وأمننا، وأنتم القلب النابض للوطن في كل محطات التحدي.
تحية إجلال وإكبار لكل جندي وجندية، لكل ضابط وضابطة، على صمودكم وثباتكم وروحكم الوطنية التي لا تلين. بكم نفخر، وبجهودكم نطمئن، وبعزمكم نحقق السلام والاستقرار.
حفظكم الله ورعاكم، ودام عزكم وشموخكم، وكل عيد وأنتم أبطالنا الذين نفتخر بهم دوماً.