آخر الأخبار

الفن في الأزمات…رسول محبة 

إدريس الأندلسي

لولا النغمات  و تنسيق الألوان  و صوت شاعر و كوميديا موقف و انسجام فيلارموني  و تعبيرات ممثلة مفعمة بعمق جمالي إنساني،  و نحث مبدع  و أغنية لضاع الكون منذ زمان  و لسكنته أشباح إلى آخر الزمان.  إنها الروح التي تأبى الكآبة  و الحزن  و غياب الأمل في  صنع يوم جميل في خضم بؤس صنعه بعضنا و رفضه جلنا.  من كوفيد إلى حرب حاول من خلالها “بعض” الإنسان أن يخفي النور عن”كل” الإنسان كان الفن ضروريا لاشاعة النور.  و لكن روح الإنسان سترجع حتما إلى ما هو أهم من صناعة الحزن سواء كان مصدره فكرا او سلاحا فتاكا.  و لكي لا نحلم كثيرا لأن السذاجة تتسلل إلينا من حين لآخر فتجعلنا ضحية كلام معسول  و خطاب منقول عن كائنات بشرية ادعت امتلاك مفاتيح الحقيقة و حتى الغيب و العياذ بالله، فاللجوء إلى قوة الفكر الإنساني المبدع للجمال و الحبور سبيل من السبل المؤدية إلى سعادة. 

الفن لحظة  و طفرة من انحدار إلى سمو و تغيير النظرة إلى الأمور  و تصالح مع كافة التعبيرات التي تروم الرقي  بالفكر  و السلوك الإنساني. الفرحة ليست حراما  و التعبير عنها أيضا. لذلك فبناء المعهد الموسيقي  و المسرح  و المعارض  و تشجيع التعبيرات الموسيقية  و أشكال الرقص  و الحفاظ على ثراتنا الفني الغني جزء مهم في بناء مستقبلنا. استمعت قبل سنوات لمحاضرة ألقاها قائد اركسترا مدينة ليل الفرنسية ” جان كلود كازا دوسي” أمام جمع من كبار رؤساء المقاولات.  نفذت تعبيراته إلى قلوبهم بشكل سلس.  بين أن الموسيقى تجمع بين التميز الفردي  و الجماعي  و بين الانتقال من درجة او مرحلة  او مقامات إلى أخرى  بفضل قيادة متمكنة  و فريق بضبط ادواره و يبلغ أقصى درجات التنسيق.  و كل ” بيمول ” اي الخروج عن الجملة الموسيقية يتم التعرف عليه بسرعة  و إعادة “مقترفه” إلى الفريق في إتجاه الهدف. 

الفن يلهم صاحب القرار بجمالياته  و حسن تنسيق مكوناته  و يرفع درجة التماهي مع المجموعة إلى قوة تفوق الأسمنت المسلح. من لا تحدث النغمة في قلبه رجة روحية وجب نقله إلى أقرب مركز للاسعاف. من موزار إلى ستراوش و من ام كلثوم إلى  محمد عبدالوهاب  و من احمد البيضاوي إلى أحمد الطيب لعلج  و الغرباوي  و بلكاهية  و الطيب الصديقي  و موحى مايسترو احيدوس  و رويشة  خربوشة   وغيرهم من صناع الأمل  و الجمال  و مدمري قلاع زراع اليأس،  يظل الفن سلاحا في كل الأزمان  و خصوصا  في  زمن الأزمات.  صحيح أننا نحتاج إلى الخبز  و الماء  و لكن كذلك إلى عالم يبدع وسائل الإنتاج  و إلى فنان يحفز تلك الروح التي تقوي عزاءم العمال  و الفلاحين  و طالبي العلم  و محبي الحياة.  و في هذه الفترة من تاريخ العالم  و تاريخ بلادنا لا يمكن إلا أن نستحضر فعل الفنان في شحد الهمم خلال كل مراحل انعتاق المواطن  و الوطن من قبضة الإستثمار  و دعم إجماع المغاربة لاستكمال وحدة هذا الوطن.  الفن سلاح قوي ضد المرض  و الكسل  و الأمية و القبح  و الاتكالية و قبول الأمر الواقع.  الفن الجميل يستفزنا لكي نرتقي إلى ما هو أحسن.  و لكل هذه الأسباب الموضوعية أحب الفنان المبدع لأنه طبيب  و محفز أجيال  و صانع أمل  إلى جانب رجل العلم  و التربية  و كل من بضع وطنه في قلبه. قد يضيع السمع بقربنا من مدفع يطلق قذيفة مدمرة  و قد ينتعش من جديد بسماعنا لجملة موسيقية نافذة إلى أرواحنا. كم كان أهل طرب الملحون أصحاب حكمة  و فن.  يختتمون القصيدة في الغالب باستحسان ذوق أهل العلم  و يغيظون الآخرين بكلمات مثل ” الجهال بقات هايمة” .