*عبد الله العلوي
أثناء العدوان الأمريكي/الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ظهرت أخبار عن مجموعة من الجواسيس ينتمون في أغلبهم للطائفة البهائية، ومن المعروف أن هذه الفئة لا تشكل أي وزن في إيران إلا أنها في عهد شاه إيران كانت مقربة لنظام الشاه، حتى أن عباس هويدا كان رئيسا للوزراء لمدة طويلة في عهد الشاه، وقد حُوكم عباس هويدا وأعدم في سنة 1979، فما هي الطائفة البهائية هذه؟
لم يعد للبابية وجود فعلي فقد انتهت منذ زمن، لكنها تطورت إلى ما يسمى البهائية التي تعرف حاليا وجودا في بعض مناطق العالم، ولها محافل في بعض دول العالم، خاصة في الهند وفلسطين المحتلة. وتعود البابية إلى شخص يدعى الشيرازي نسبة إلى مدينة شيراز الإيرانية عاش في القرن 19م. وحسب بعض الدراسات التي كتبت عنه فهو ليس إيرانيا بل عراقي اسمه علي محمد الباب، انتسب في البداية إلى زاوية تدعى”الشيخية” وتنسب إلى شخص يدعى أحمد الأحسائي فلم يقتنع بها، وانتقل إلى شيراز حيث حضر دروس شخص يدعى كاظم الشيرازي، فانتسب إليه وهو الذي أوهمه أنه صاحب كرامة. ولم يلبث أن ابتدع عقيدة جديدة (بعد أن أصيب بعارض صحي) وصار يردد «أنا مدينة العلم وعلي بابها»، ولاشك أن اسمه علي محمد لعب دورا في ادعائه النبوة، والانتساب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد جرت محاكمته واعترف بأنه يكذب وأعلن التوبة. ويبدو أن الاستعمار الإنجليزي و السفارة الروسية في طهران لعبتا دورا هاما في تشجيعه، وإعلان نفسه نبيا. وقد وضع كتابا بعنوان “البيان” امتلأ بالشطحات، وقد أعدم في 1850م هو وأحد أتباعه. عاش علي محمد في مرحلة هجوم الغرب على الشرق وعلى ديار الإسلام. وكانت العديد من الدراسات الاستشراقية قد دعت إلى وجوب تدمير الإسلام عبر اختلاق عقائد جديدة مثل البابية و القاديانية. وكان علي محمد أحد تجليات هذه الأفكار الاستشراقية، التي رأت أنه لتدمير المجتمعات الإسلامية يجب تدمير العقيدة واللغة. وبوفاة الباب انتهت البابية، لكن أحد تلاميذه يدعي الميرزا حسين تبنى ما جاء فيها وحولها إلى عقيدة أخرى، وألغى شخص وعقيدة علي الباب محمد، ونصب نفسه إلها وأورث الألوهية لابنه. وقد تبنت بريطانيا أصحاب هذه العقيدة، وفيما بعد الكيان الصهيوني ومنحوهم أرضا في مدينة عكا بفلسطين المحتلة، حيث أسس مركز للدعاية لهذه الديانة، التي جعلت اليهودية على رأس عقائدها مع الإضافات التي أضافها هذا الداعي. بعد إعدام الباب في 1850م، ادعى أتباعه أنه رفع إلى السماء! وقيل إن جثمانه أخذ فيما بعد إلى عكا حيث دفن بعد أن أخفيت جثته في إيران لسنوات عديدة تربو على الخمسين، وكل ذلك مجرد إدعاءات لا أساس لها من الصحة. وبعد موت الباب الميرزا الحسين 1817-1892م، جاء ابنه عبد البهاء الذي تصارع مع أخيه صبح الأزل على الزعامة فانتصر عليه، وبرغم أن البهائية عرفت انشقاقات عديدة، فقد انتقل عبد البهاء إلى بغداد ومناطق أخرى، وتدخل السفير الروسي في طهران لصالحه، بعد أن كاد يعدم بتهمة المشاركة في محاولة اغتيال شاه إيران. وقد كلف هذا السفير أو المترجم بالسفارة الروسية عند البعض واسمه «كتياز غوركي» من طرف عبد البهاء مع آخرين لوضع دستور البهائية، الذي يشترك مع الماسونية في عدة أهداف منها أن لا عقيدة تمنع الانخراط فيهما، والواقع أن العضو يتحول بعد مراحل عدة إلى شخص لا يؤمن بشيء إلا بالبهاء. ويعتقد عبد البهاء أنه كليم الله، وأنه قام برحلة إلى السماء وكلف بعدة مهام، ثم تجاوز هذه المرحلة بعد مدة وادعى أنه هو الله، وقد خاطب ابنه في إحدى الرسائل التي وجهها إليه، قائلا: من الله الخبير إلى الله الحكيم.
لقد جمعت البهائية أموالا طائلة من المساعدات التي قدمت لها من الإنجليز، ومن الوظائف العديدة التي منحت لأعضائها، مما جعلها مطمعا للعديد من ضعاف النفوس الذين باعوا أنفسهم بالمال أو الوظيفة. وقد ساعدت الحركة اليهودية هذه النحلة وقدمت لها المآوي والأموال في عكا، حيث دفن البهاء أو الميرزا الحسين بعد موته، ولازالوا يوزعون أسطواناته وخطبه المسجلة. ولهذه النحلة أتباع في مصر وتونس و المغرب وإن كانوا قلة، فعددهم في المغرب لا يتعدى 400 حسب تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، وتحميهم واشنطن والدول الغربية ويعمل عدد منهم في سفارات وقنصليات هذه البلدان، أو مؤسساتها بدعوى حماية الحرية الدينية، وذلك لابتزاز البلدان في قضاياها الوطنية. والعضوية في البهائية تستلزم المرور من تسع مراحل، تبدأ بأن البهائية لا تختلف مع الإسلام وتنتهي بأن يصبح العضو مؤمنا بأن البهاء هو الإله. وكل محفل يسيره تسعة أعضاء، والمحفل المركزي يوجد في عكا، وقد تحولت البهائية إلى تنظيم مغلق تقريبا مثل الماسونية. وشيدت مبنى في دلهي، نقلا عن دار الأوبرا في سدني، وتعتقد أن أجنحته لها طابع إيحائي ماورائي، في حين أن الأمر يتعلق ببناء ليس إلا، لأن البهائية تتميز بالكذب والخداع.
تقدس البهائية رقم 9 و 19، وتمارس عبادة ثلاثية في الصباح والظهيرة والمساء…ومن خلال استقراء تاريخ البهائية، فهي نتيجة العقائد الوثنية والمسيحية، وفكرة المهدي المنتظر والتقمص الهندوسي الذي يؤمن بالتناسخ، وكون الإله يتجسد في مراحل معينة في الإنسان. وقد حاولت البهائية مع البابية -في بدايتها- أن تتقمص مظاهر إسلامية، ولكن بعد أن خرجت إلى أحضان اليهود والهندوس تحولت إلى طائفة لا علاقة لها بالإسلام حتى في رمزيته، فقد أخذت البهائية فكرتها من عقائد عدة في سبيل إرضاء و استقطاب أي شخص من أي عقيدة كان.
وعندما مات البهاء في 1892م، عين ابنه عبد البهاء ليتولى إمارة الطائفة باعتباره إلها (وفق قاعدة: “من الله العزيز الحكيم إلى الله اللطيف الخبير”)، رغم الخلاف بينه وبين أحد إخوته على الزعامة. وكان اسمه أثناء ولادته في 1844م عباس أفندي، وقد أعلن أن كل الأديان متساوية وحصل على لقب “ابي يهوه” من اليهود، ولقب فارس من بريطانيا، وقبل وفاته في 1921م، عين حفيدا له من ابنته “نيا” يسمى شوقي أفندي، الذي مات في ظروف غامضة فانتقل تسيير الطائفة إلى محفل يتشكل من تسعة أعضاء يسيرون الطائفة التي تضم بضعة آلاف من المنتسبين في أنحاء العالم والتي تستخدم في إطار الترويج للفتنة، وتدمير الوطن العربي و الإسلامي، كما تستعمل غيرها من المنظمات والطوائف تحت ذريعة حقوق الإنسان وحرية الاعتقاد وغيرها من الادعاءات التي لا مجال هنا لمناقشتها.
رأي الإسلام في البهائية:
أجمع علماء الإسلام على كون نحلة البهائية كفرا، والبهائيين كفارا، لا يجوز معاشرتهم، أو الزواج منهم، أو الانتساب إليهم، وأن الأمر يتعلق بمحاولات المستشرقين وأجهزة المخابرات وطلائع الاستعمار تدمير اللحمة الإسلامية، وذلك باختراع وتشجيع الهرطقات في كل أنحاء العالم الإسلامي.