آخر الأخبار

العمدة ورياضة ركوب الأمواج : حين يصبح الصعود مناسبة للركوب السياسي

لاحظ المتتبعون للشأن المحلي بمدينة مراكش، مدينة السبعة رجال، عودة العمدة أخيرا بعد غياب طويل عن المدينة .

غير أن هذه العودة لم تكن مرتبطة بتدشين مشروع تنموي كبير، ولا بعقد اجتماع طارئ للبحث في أسباب تعثر المشاريع التي تئن تحت وطأة الإهمال، ولا حتى لتوجيه رسائل صارمة لكل من يعرقل مسار التنمية بمراكش. بل كانت المناسبة رياضية بامتياز، تمثلت في نجاح نادي الكوكب المراكشي لكرة القدم في تحقيق الصعود إلى القسم الوطني الأول، بعد سنوات من المعاناة والتخبط في الأقسام السفلى.

غير أن المفارقة التي لم تغب عن أذهان المراكشيين، هي أن حضور السيدة العمدة جاء في لحظة الانتصار لا في زمن الأزمة، وجاء ليس باعتبارها فاعلة في هذا الإنجاز، بل لتُنسِب هذا النجاح لنفسها ولمجلسها، في خطوة قرأها الكثيرون على أنها بداية لحملة انتخابية سابقة لأوانها، وركوب على موجة صعود صنعها آخرون.

فمنذ تحمل السيدة العمدة مسؤوليتها سنة 2021، لم تحقق المدينة أي طفرة رياضية تُذكر، بل بالعكس، عرف نادي الكوكب المراكشي في عهدها أسوأ انتكاساته، عندما سقط لأول مرة في تاريخه إلى القسم الوطني الثالث سنة 2022. حينها، لم نر السيدة العمدة في الواجهة، ولم تكلف نفسها عناء السفر إلى مراكش لحضور الاجتماع العاجل الذي دعا إليه السيد والي الجهة، السيد قسي لحلو، لإنقاذ النادي، وهو الاجتماع الذي حضره عدد من أعيان المدينة في لحظة صعبة من تاريخ الفريق.

و الأدهى من ذلك، أن السيدة العمدة، رغم انتمائها لعائلة مراكشية معروفة بثرائها، لم تساهم بفلس واحد لدعم الفريق، في وقت كانت المدينة في أمسّ الحاجة إلى الالتفاف حول رمز من رموزها الرياضية والتاريخية.

اليوم، وبعد أربع سنوات من الصبر والعمل المضني الذي قاده رئيس النادي، السيد إدريس حنيفة، عاد الكوكب إلى قسم الصفوة. لكن بدل أن تحيي العمدة هذه الجهود أو تدعم استمرارها، اختارت أن تركب على “أمواج الصعود”، متناسية أن جمهور الكوكب وناس مراكش لا يعانون من ضعف الذاكرة، ويدركون جيدًا من وقف مع الفريق وقت الشدة، ومن عاد فقط للظهور أمام عدسات الكاميرا عندما أصبح الإنجاز جاهزًا للتوظيف السياسي.

لقد أثبتت هذه الواقعة مرة أخرى أن الرياضة في المغرب، ومراكش بشكل خاص، لا تزال مجالًا مفتوحًا أمام محاولات التوظيف السياسوي، في غياب رؤية حقيقية تعتبر الأندية الرياضية مؤسسات مجتمعية تستحق الدعم والتأطير لا الاستغلال الظرفي .
الرسالة التي فهمها الشارع المراكشي واضحة : الذاكرة الجماعية لا تمحى بسهولة، وجمهور الكوكب المراكشي لا يُلدغ من نفس الموجة مرتين. فحين يتعلق الأمر بالرياضة، لا يكفي الظهور في لحظات المجد، بل الأهم هو الحضور في أوقات الانكسار، وهذا ما لم يحصل .