في المغرب أصبح شراء السمك ترفا لا يقدر عليه إلا من جيوبه ممتلئة، فيما الأغلبية تكتفي بالمشاهدة والشكوى. حتى السردين الذي كان متاحا للجميع ولا يتعدى ثمنه عشرة دراهم أصبح اليوم مضاعفا، لتتحول وجبة بسيطة كانت جزءا من الغذاء اليومي لملايين الأسر إلى حلم بعيد المنال.
الأسعار ترتفع بلا توقف، والوعود الحكومية بالتحكم في السوق تبقى شعارات بلا أي أثر على أرض الواقع. المواطن البسيط يدفع الثمن وحده، بينما تتحرك الأسواق وفق منطق “كل من استطاع دفع الثمن فليأخذ”.
الواقع أكثر إيلاما: البسطاء من الأسر عاجزون عن شراء كيلوغرام واحد من السمك، فيما تتلاعب بعض الجهات بأسعار المواد الغذائية الأساسية دون أي حسيب أو رقيب. كل محاولة لتحريك السوق تصطدم بالغموض وقلة الشفافية، بينما المواطن يتحمل وحده عبء ارتفاع الأسعار.
المفارقة أن السمك لم يعد مجرد طعام، بل صار مرآة للتفاوت الاجتماعي، رمز للغنى والفقر، ومؤشر صارخ على هشاشة منظومة توزيع المواد الغذائية في المغرب. الأسر البسيطة والمتوسطة تجد نفسها مضطرة للجوء إلى بدائل رخيصة وأقل جودة، فيما تتحول الثقافة الغذائية التقليدية إلى شيء من الماضي.
الأزمة تتجاوز الاقتصاد؛ إنها أزمة عدالة اجتماعية. المسؤولون يكتفون بالإعلانات الصحفية والوعود الرنانة، بينما المواطن يعيش يوميا واقعا صعبا: وجبة أساسية تصبح رفاهية، وسعر السمك يتحكم في إمكانية حصول الأسر على غذاء متوازن.
يبقى السؤال المحرج: متى ستتوقف الحكومة عن التصريحات الفارغة لتقدم حلولاً عملية؟ متى ستضع سياسات حقيقية لضبط الأسعار وحماية المستهلكين؟ أم أن المغرب سيبقى مكانا يتحكم فيه سعر السمك في حق الأغلبية البسيطة في التغذية اليومية؟
حتى ذلك الحين، ستظل الأسماك في المغرب رمزا صارخا للتفاوت الاجتماعي ومرآة لمعاناة البسطاء من الأسر، التي تراقب الأسواق وهي ترتفع بلا حسيب ولا رقيب، لتصبح الوجبة البحرية حلما ممنوعا على الغالبية.